حتى لا يصبح رمضان عبئاً مالياً

مشاهدات



طلعت حافظ

اقتصادي وكاتب سعودي 

 

بدخول شهر رمضان المبارك في كل عام تنتعش الحركة الشرائية بالأسواق التجارية بالمملكة العربية السعودية وبغيرها من بلاد المسلمين بما في ذلك بالبلاد غير المسلمة التي يسكنه مسلمون . فعلى سبيل المثال في المملكة العربية السعودية تزدهر وتزداد الحركة التجارية خلال الشهر الفضيل على المواد الغذائية والمشروبات التي لها علاقة وارتباط بتحضير الموائد الرمضانية، مثل المعجنات والمخبوزات وأنواع من الشوربات والمشروبات . وبطبيعة الحال ووفقاً لقانون وقوى العرض والطلب قد تشهد أسعار بعض المواد الغذائية شيئا من الارتفاع في الأسعار وبالذات الموسمية منها . وما يضاعف من أثر ارتفاع الأسعار الإقبال الشره للمتسوقين غير المبرر على الأسواق بمجرد دخول الشهر الكريم والانجراف وراء الإعلانات التجارية والتخفيضات التسويقية التي يتم تكثيفها خلال الشهر الفضيل . في وقتٍ سابق كشف مجلس شؤون الأسرة أن إنفاق الأسرة السعودية ارتفع بنسبة 40 % خلال شهر رمضان مشيرًا إلى أن 50 % من الإنفاق في العشر الأواخر من رمضان ذهب الى المواد الغذائية والمأكولات . وأشار أيضاً إلى أنه من المناسب أن تراجع الأسرة طريقة إنفاقها خلال العطل والأعياد لتلافي الهدر المالي والوفاء بالالتزامات الأسرية ذات الأهمية القصوى . 

 

البعض يعزوا ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية إلى جشع واستغلال التجار للشهر الفضيل لتصريف بضائعهم مطالباً بضرورة تحديد الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق ولعلي اتفق مع تشديد الرقابة على الأسواق ولكنني اختلف تماماً مع المطالبة بتحديد الأسعار باعتبار أن ذلك مخالفاً لقواعد السوق الحر وأهم من ذلك وذاك قد يتسبب في القضاء على المنافسة . بتصريح صادر عن وزارة التجارة أكدت من خلاله على الوفرة العالية للسلع الغذائية والمنتجات الرمضانية في الأسواق المحلية ومنافذ البيع خصوصاً السلع والمنتجات الأساسية والاستهلاكية التي يقبل عليها المستهلكون مع قرب حلول شهر رمضان المبارك. وأكدت أيضاً على أنها مستمرة في الرقابة الاستباقية على المستودعات والأسواق بكافة مناطق المملكة بهدف رصد أي مؤثرات على حركة العرض والطلب وتلبية أي زيادة مطلوبة . في حديث لمجلة "سيدتي" للخبير الاقتصادي خالد الملحم أشار إلى أن نسبة إنفاق الأسر السعودية مع قرب حلول شهر رمضان المبارك ترتفع بما يعادل إنفاق ثلاثة أشهر متوقعاً بأن ترتفع نسبة استهلاك السعوديين من المنتجات الغذائية في الشهر الكريم إلى ما بين 150 % و200 % مقارنةً مع استهلاكهم من هذه المنتجات في الأشهر الأخرى، والذي لا يزيد على 80 % . برأيي أن المحافظة على استقرار أسعار المواد والسلع الغذائية سواء في شهر رمضان أو في غيره من شهور العام  يتطلب تظافر جهود الجميع بلا استثناء بمعنى آخر أكثر وضوحاً أن المستهلك النهائي هو أيضاً مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن ارتفاع الأسعار في ظل ممارسته لتصرفات ولسلوكيات تسويقية غير مبررة، وما يؤكد على ذلك حجم الهدر الغذائي الضخم الذي ترصده المملكة والذي يتجاوز 4 ملايين و66 ألف طن سنوياً بتكلفة تقدر بـ40 مليار ريال سعودي .

 

نحن بحاجة للرفع من الوعي الاستهلاكي والتسويقي لدى كافة افراد المجتمع وتحفيزهم بل وإرشادهم إلى أساليب وفنيات الشراء والتسوق الذكي المجدي اقتصاديا والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر تَجنب التسوق الارتجالي والعشوائي وبالذات باللحظات الأخيرة من دخول الشهر الفضيل بحيث يتم التحضير للتسوق وفق قائمة محددة من الاحتياجات الضرورية والأساسية ووفق أيضاً ميزانية ومبلغ مالي محدد مسبقاً . كما وينصح عدم التسوق في الحالات التي قد يكون فيها الإنسان جائعاً كاللحظات التي تسبق موعد الإفطار لأن ذلك بطبيعة الحال سيؤثر سلباً على سلوكيات الشراء والأهم من ذلك وذاك الابتعاد عن المبالغة في تحضير الموائد الرمضانية للضيوف بغرض المباهاة وإظهار نموذج من نماذج الهياط الاجتماعي . وأختم مقالي بالدعاء الجميل للجميع "اللَّهُمَّ بَلِّغْنا رَمَضَانَ وَأَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ عَلَى الوَجْهِ الّذِي يرْضِيكَ عَنَّا" وكل عام وأنتم بخير ورمضان كريم .

 

المصدر : وكالات







 

تعليقات

أحدث أقدم