هل لا زال العراق مركزا لتنفيذ مؤامرة الفوضى الخلاقة ؟

مشاهدات



محمود خالد المسافر


تعود علاقة حركة حماس بما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران إلى ما قبل عهد 'الاضطرار" وهو العهد الذي تخلى فيه العرب عن فلسطين ودعم مقاومتها بعد إزاحة العراق وليبيا من المشهد السياسي والانكفاء على الذات بعد الاحتلال الامريكي للعراق والغزو الأطلسي لليبيا . وكانت علاقة حماس والكثير من قوى المقاومة الفلسطينية دائما قوية بسلطة الولي الفقيه في إيران . وقد فتحت حماس وجهاد وغيرها من الفصائل الإسلامية مكاتب وممثليات في إيران وبعض الدول الداعمة للمقاومة الإسلامية في المشرق العربي ومحيطه الجغرافي، وهذا ليس أمرا سريا ابدا. وقد سبقه بمدة ليست قصيرة فتح مكتب للحزب الإسلامي العراقي في طهران وكان يرأسه رشيد العزاوي الذي أصبح لاحقا أمينا عاما للحزب الإسلامي بعد أن تم استبعاد كل من لا يتوائم مع سياسة الولي الفقيه في العراق أو الذين لديهم موقفا عقائديا من مذهب الولي الفقيه . ولا سيما عند الجيل الثاني والثالث من الإخوان المسلمين العراقيين، خصوصا اولئك الذين انخرطوا في العمل الحزبي مع الاحتلال الامريكي مخالفين المعلن من رأي كبار رجالات الإخوان المسلمين في العراق ومصر. 

 

المهم هنا أن الحزب الإسلامي العراقي صنو حماس الفلسطينية كان موقفه اقوى خلال العقد الأول من الاحتلال لانه كان شريكا رئيسا في تثبيت عُرى الاحتلال الامريكي، وكان ممثلا للمحافظات الوسطى والغربية فضلا عن الموصل لدى سلطة الاحتلال . ومن ثم أخذ كعكة كبيرة في السلطات الثلاثة التي أقرها دستور اليهودي الامريكي نوح فيلدمان الذي اتفقت عليه الكتل العراقية التي أتت خلف الدبابة الأمريكية الصهيونية ومنها الحزب الإسلامي العراقي . إذا السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا لم يتم ترتيب فتح مكاتب لحماس والجهاد في العراق منذ الاحتلال إلى اليوم . ولماذا لم تفرض ايران ذلك على حكوماتها وميليشياتها في العراق منذ خروج القوات الأمريكية الظاهري والرسمي في نوفمبر 2011 والى اليوم . وسؤال اخر يحتاج إلى التمعن وهو لماذا لم تفرض ذلك إيران على اتباعها في العراق مباشرة بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي؟ والسؤال الاخير هو لماذا يتم ذلك بعدما أشيع من أن كل من قطر وتركيا الحليفين المعروفين لحماس رفضتا استقبال حماس وجهاد، اي بمعنى أدق رفضتا أن تكونا ملجأً للمقاتلين الذين يمكن أن يغادروا غزة لأسباب قد تتعلق بنسخة معدلة لاتفاقية سلام فلسطينية-"اسرائيلية" قد يكون للفصائل الإسلامية هذه المرة دور اقوى في وضع بنودها من دور منظمة التحرير الفلسطينية أو على الأقل دور مساوي لدور المنظمة . وهذا يذكرنا طبعا بامرين مهمين الاول كان له دور عظيم في تغيير دفة المقاومة الفلسطينية من المقاومة العسكرية إلى المقاومة السياسية ومن ثم الانكفاء في أطر المقاومة السلبية وهي الخطابات والمشاركات الدولية، وهو عندما انسحبت قوى المقاومة من جنوب لبنان واستقرت في تونس في بداية ثمانينيات القرن الماضي وتركت المقاومة على الأرض لسماسرة العمل الاسلامي العسكري والسياسي وهم حزب الله وحركة أمل . فهل سيتكرر هذا المشهد اليوم ؟.  والأمر المهم الثاني الذي أفل شعاعه بعد أن اشتد لعقد من الزمان وهو الحديث عن صفقة القرن وانهاء قضية العودة التي كانت ولا زالت تؤرق الغرب والصهاينة على حد سواء . هذه الصفقة التي يبدو أنها عقدت بين أطراف محلية وأجنبية وتم تأجيل تنفيذهم للصفحة الأخيرة منها إلى أن يتم التأكد أن اخر غضب الشارع العربي ينتهي باعتراضات المقاهي وقصائد الشعر الحماسية داخل جدران اربعة.

 

وحتى يتم تنفيذ ذلك ينبغي أن يتم تفكيك إحدى الدول المرشحة لاحتضان العائدين . وحتى يتمكنوا من اختصار الزمن وتقليل المصاريف فعليهم أن يمكنوا العصابات والميليشيات من ذلك البلد وتحويل مقدراته الاقتصادية والسياسية والبشرية إلى ركام منقسم بين كانتونات سياسية تبدو وكأنها مختلفة ولكنها مرتبطة بخيوط يقود قراراتها السيد ذاته. وأما شعب تلك الدولة فقد تم تجويعه وتشريده وقتل كفاءاته واضطهاد مثقفيه وإفساد قضاتها وصحفييه وقادة جيشه وكل شرطته حتى أصبح مواطن تلك الدولة يصيح باعلى صوته " نقبل بالشيطان ولا حكم الأحزاب الإسلامية والميليشيات". لقد وصل الوضع اليوم في العراق من السوء على المستوى القيمي والأخلاقي إلى انك لن تقول كفرا إذا تحدثت عن تطبيع العلاقة مع "اسرائيل". أنهم يريدون أن يضعوا العراقيين أمام طريقين لا ثالث لهما، فالكاره لإيران طريقه لا بد أن يمر ب "اسرائيل" والكاره ل "اسرائيل" لا بد أن ياخذ الطريق البري بغداد-المنذرية-طهران. ولا يعلم هؤلاء أن الطريقين يؤديان إلى وادي عميق يجلس فيه المخططون الصهاينة مع المنفذين من أتباع الولي الفقيه ليرسموا خطة السيطرة على اخطر وأغنى وأعظم مناطق العالم التي تمتد من البحر الاحمر الى البحر الأبيض المتوسط على وفق نظرية "الفوضى الخلاقة" التي لا تريد أن تموت مع صاحبتها گوانداليزا رايس .

تعليقات

أحدث أقدم