الدولة والملحق

مشاهدات



د. فاتح عبدالسلام


أوّل مرة أسمع كلاماً من مسؤول عراقي يتحدث عن صورة البلد في نظر بعض جيرانه، حين قال وزير الخارجية في حديث تلفزيوني من باريس انّ تلك الدول الجارة تنظر للعراق كملحق بها وليس دولة مستقلة. الكلام جديد على مسؤول، لكنه قديم جداً، يعرفه العالم كله وشبع العراقيون منه منذ زمن بعيد، وفقدوا الامل بتغيير هذه الصورة .

هذا تشخيص للحالة، في دلالة على انّ هناك مَن يسعى للعلاج وايجاد الدواء المناسب لهذا الداء المستعصي الذي اسمه التدخل الامني والاقتصادي والسياسي في العراق .

الطبقة السياسية وما خلّفته من رواسب ثقيلة في الادارات العامة ومفاصل الدولة كانت تعمل ليل نهار من أجل اتمام عملية تحويل العراق الى حديقة خلفية للاخرين مقابل الاستمرار بمكاسبهم السياسية التي هي عبارة عن منصب وباب مشرع للفساد وافلات مستمر من العقاب . هذا تلخيص فلسفة الادارات السابقة في البلد، والافكار التي تجري في رؤوس مَن وصل الى سدة

المناصب السيادية المتقدمة في السنوات الماضية .

من السذاجة الاعتقاد انَّ الامريكان كانوا غافلين ولايدرون ما يحدث، لكن كانوا من دون استراتيجية منظمة كما يمتلكها غيرهم من قوى الاقليم المحيطة بالعراق .

الان نحن في منحدر شديد الوعورة،والامل وحده يجعل الثقة تنمو من جديد في امكانية وقف التداعي ، ليس من خلال تشكيل حكومي، وانّما عبر الارادة الشعبية الواعية التي تجلت قبل شهور في انتفاضة تشرين. وستظهر لاحقاً في غضب عارم لحفظ السيادة المهدورة هذه المرة قبل الدعوة الى الاصلاحالت الداخلية. ربما الموعد سيكون بعد الانتخابات المقبلة في حال تمترست قوى الفساد ضد قوى النور الشعبية .

في كل الاحوال هناك منعطف سيدخله العراق حتماً ، ستتساقط رؤوس وواجهات سياسية وعناوين، ولأنَّ البلد مدمر في بنيانه الاداري فإنَّ الفساد سيستمر عبر الادارات غير المؤهلة التي شغلت مناصب مدير عام صحة ومدير مستشفى ومحافظ ومدير بلدية ورئيس جامعة وعميد كلية ومدير توزيع الاغذية و مدير تربية ومدير الطرق والجسور ومدير الماء والمجاري ورئيس دائرة المشاريع ومدير الكهرباء وسوى ذلك من التفاصيل الكثيرة التي اهترأت بفسادها، ولابدّ من نقلة عظيمة في التعيينات النظيفة في مناصب عصب الحياة العراقية ، وليس الحياة المسخّرة لصالح دول اخرى 

تعليقات

أحدث أقدم