الكاتب والباحث السياسي
أنمار نزار الدروبي
في بلد يعيش جملة من التناقضات والتجاذبات السياسية والإعلامية وحتى القضائية، فساد أخلاقي قبل الفساد المالي والإداري، حيث الانفلات الأمني أصبح قانونا، سطوة جنرالات الدم وأباطرة المال بات دستورا. فمن الطبيعي إذا لم يكن هناك من يقتلنا لوجب علينا اختراعهم.
شخصيا أنا لا أتهم أي جهة بقتل الناشطين، لكن بلا شك إذا كان قتلة هشام الهاشمي السبب في زيادة عدد أرامل العراق وأيتامها. فهم ذات القتلة الذين مزقوا بدلة العرس البيضاء لشيلان وريهام بخناجرهم المسمومة. وبالنتيجة فإننا ودعنا هشام الهاشمي وريهام وشيلان وكل شهداء انتفاضة تشرين في العراق.. ودعناهم بأنهار من الدموع.
في الحقيقة نحن كشعب نرقص من الألم على أرض ملتهبة من أحزاب دينية ملغمة، ورموز سياسية يمثلون قادة البلد ، لكنهم عمليا يعتبرون انفسهم فوق البشر ونحن كعراقيين لانمثل بالنسبة لهم سوى صعاليك او عبيد شئنا أم أبينا. ويجب علينا في كل صلاة سواء كانت فرضا او نوافل الدعاء لقادتنا السياسيين بالحفظ وطول العمر، وأن نقرأ لهم آية (وأتَيناك بالحق وإنا لصادقون) تقديسا للصدق والأمانة والجهد الذي قدمته وما تزال تقدمه لنا الطبقة السياسية المجاهدة. تلك الطبقة التي ملئت الدنيا ضجيجا وصراخا بالمصطلحات الوطنية، وإن حياتهم مكرسة للمواطن العراقي، من أجل محاربة الفساد وتوفير الكهرباء وكشف قتلة المتظاهرين (الطرف الثالث)، حيث تشعر أن القدر قد ظلم هذه الطبقة السياسية وهم مجموعة من الملائكة حين ارسلهم الله الى العراق.
السؤال الذي يطرح نفسه عاجلا غير آجلا هو، أين رجال الدين من كل هذه الجرائم؟ وتحديدا رجال الدين الذين دخلوا المعترك السياسي بعد 2003.. بمعنى اصحاب العمائم الذين في الصباح هم رجال الفقه والفتوى وبالليل نشاهدهم على القنوات الفضائية يتحدثون في علم السياسة افضل من (موريس دوفيرجيه)..
موريس دوفيرجيه.. هو عالم السياسة الفرنسي واستاذ القانون الدولي والذي يلقب عالميا(بابا العلوم السياسية).
بالرغم من أن أغلب هذه العمائم تمارس سطوتها علينا من أصغر مواطن إلى أكبر وأرقى مثقف وأكاديمي في العراق. وأضحى هؤلاء الكهنة من المقدسات ولا يجوز التقرب منهم إلا بطلب الدعاء والرحمة والمغفرة. فنحن نسير وفق قاعدة (إذا أردت أن تهدم الدين، فتجاوز على رموزه ومؤسساته). بل ان انتقاد رجال الدين في العراق يعتبر تهديدا على الأمن القومي.
ففي قانون الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي تكون الانتهازية الدينية عملا مشروعا حتى إذا كانت هذه الانتهازية من قبل علماني أو ليبرالي، يساري كان أو شيوعي ماركسي. بيد لو خرج كارل ماركس أو لينين من قبورهم وقدموا الولاء والطاعة لهذه العمائم سيفتي علينا أصحاب الخطوة والكرامات بأن ماركس ولينين قد أشهروا إسلامهم قبل وفاتهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، أين فضيلة المفتي أو ما يسمى بمفتي الجمهورية (مهدي الصميدعي) هل فضيلته لم يرى ويشاهد جرائم القتل أو على أقل تقدير لم يسمع بها، ربما يكون سماحته قد ترك الاجتهاد والحديث وهجر التراث والشريعة، وتخصص فقط بالفتاوى الجنسية وكيفية مضاجعة حور العين.
الحمد لله الشعب العراقي منذ سنوات طويلة أدمن على هذه الأحوال، وسنبقى نعيش أجواء الحرية والرفاه الاجتماعي في ظل الديمقراطية الهوليودية.
إرسال تعليق