نهاد الحديثي
(الحق فوق القانون.. والأمة فوق الحكومة) صرخة قالها سعد زغلول اهتزت بها المنابر في زمانه وتوقفت بعد مماته! وقبلها صرخة الأمام علي (رض) بالمسلمين محـذرا (لاتخــشوا طريق الحـق لقلة سالــكيه)، ولمئات السنين حكم القانون حياتنا بعد البعثة النبوية الشريفة ،وعهد الخلفاء الراشدين وكبار صحابة الرسول الاعظم(ص) ولكن القانون بدء يتراجع تدريجيا بعد ان طغى السيف على القانون ، وطغى السفهاء على العقلاء والحكماء ، وبدأت شوارعنا تمتلىء بالمتسكعين والأميـين وارباب السوابق ، وتقهقر القانون بســبب ضعف الجهاز الأمني وغياب المهنية عنه وارتدى ملبس الشرطة كل من هب ودب فتدحرجت الشهادة والتخصص والفكر الأنساني والمهني بين الأقدام، وتقــــــهقر القانون ايضا لضعف القضاة وخشيتهم من الأغتيال او حبا للمال فتضيع الحقائق وتــقيد ضـد مجهول!!
تدرك الحكومة العراقية أهمية السيطرة على السلاح المنفلت والمتراكم في البلاد من أجل استعادة هيبة الدولة. فأسلحة العشائر والميليشيات يتم اللجوء إليها لتصفية الحسابات أو عند نشوب أي خلاف حتى وإن كان بسيطا، لكنه يخلف في مرحلة لاحقة تداعيات شديدة الخطورة على أمن البلاد. إلا أن المتابعين يؤكدون أن قرار عدم السماح للأحزاب والعشائر بحمل السلاح لا يكتسي أهمية كبيرة، ذلك أن جمع الأسلحة وحصرها بيد الدولة لا يحتاجان إلى قانون جديد ,, ومن هنا
صوتت الحكومة العراقية، على قرار عدم السماح للأحزاب والعشائر بحمل السلاح، وذلك خلال اجتماع لها بالبصرة، في وقت قلل فيه مراقبون من الخطوة الجديدة معتبرين أن جمع الأسلحة وحصرها بيد الدولة لا يحتاجان إلى قانون جديد، وأن القانون العراقي النافذ يوفر غطاء كافيا لأي إجراء حكومي
توجود عشائر تمتلك سلاحا ثقيلا يشمل الهاون والقاذفات ومقاومة الطائرات، وهذا ما يجب على الحكومة أن تسارع إلى حصره بيدها وسحبه من العشائر التي تمتلكه، وليس السلاح المعني به الخفيف والمخصص للصيد, اضافة إلى أن كل العشائر التي تمتلك الأسلحة لديها من أبنائها من هم قادة وأمراء في الفصائل المسلحة؛ لأن الأخيرة جميعها تشكلت من أبناء المناطق ,, تدخل الأحزاب والجهات السياسية في هذه المحافظات يقف حائلا دون تطبيق القانون، فضلا عن أن كثيرا من الفصائل المسلحة تنتمي إلى العشائر، ونزع سلاحها يعتبر نزعا لسلاح الفصائل ,, الأحزاب السياسية لأنها تمسك في سلطة الحكومة المركزية، والهيئات المستقلة، وفي المحافظين وأعضاء مجلس المحافظات، إذن تريد الحفاظ لنفسها على القوة التي تمتلكها، إضافة إلى السلطة التي تتمتع بها,,الآلاف يمتلكون هويات وتراخيص لحمل السلاح ، بسبب الأحزاب لأنها هي من تمنح هذه التراخيص,, ويحمّلون ، وزارة الداخلية مسؤولية انتشار السلاح في البصرة؛ لأنها لا زالت تمنح تراخيص السلاح حتى هذه اللحظة دون توقف، العقوبة شددت في القانون العراقي، حيث جرى تعديلها عام 2003 في عهد الحاكم الأمريكي المدني بول بريمر، والغرض من ذلك لتخليص البلد من السلاح المنفلت، لكن للأسف لم ينفذ شيء، ولا ينفع أي مميثاق عشائري، إلا من خلال الدولة التي عليها حماية المجتمع العراقي، وجمع السلاح من العشائر وغيرها,, إن العشائر لم تعتد أن تعطي سلاحها من ذاتها، لذلك يجب أن تأخذ الدولة بالقانون؛ لأن العقوبة على حيازة سلاح متوسط وثقيل وصلت إلى المؤبد، لكن هل تستطيع السلطة أن تنفذ هذا القانون؟ويأتي ضبط فوضى السلاح ضمن توجّه الكاظمي لفرض هيبة الدولة وسلطة القانون، لكن الأمر لا يخلو من عوائق كبيرة على رأسها وجود ميليشيات قوية ولها ممثلون في السلطة يحمونها ويضعون خطّا أحمر أمام الاقتراب من سلاحها,, وعلى الرغم من ذلك يرى خبراء أمنيون أن ملاحقة العصابات الإجرامية وانتزاع سلاحها، إضافة إلى نزع أسلحة بعض العشائر التي تستخدمها من حين لآخر في الاقتتال وتصفية الحسابات في ما بينها، أمر مهمّ مرحليا لترميم معنويات الجيش النظامي بعد سنوات من التراجع أمام صعود الميليشيات وتعاظم سطوتها,, ويقول هؤلاء إنّ حضور قوات الأمن العراقية وتنفيذها مثل تلك العمليات في مناطق جنوب العراق يعطي شعورا بالأمان لدى سكان تلك المناطق ويشعرهم بحضور الدولة التي اهتزّت ثقتهم بها إلى حدّ كبير
العراق في عهد الاحزاب الإسلامية اليوم، عراق ممّزق، فاقد لهويته الوطنية, فالإسلاميّون وهم يعتمدون على العشائر والعمائم في بسط سلطتهم على مقدّرات بلدنا، لا يعرفون الا ثقافة المآتم والمقابر والمزارات، ثقافة عبادة الطقوس التي جعلت بلدنا في آخر سلّم التطور الإنساني والعلمي والثقافي مقارنة ليس مع الدول المتقدمة، بل مع بلدان الجوار الإقليمي التي كنّا متقدّمين عليها في شتى المجالات لعقود خلت. العراق اليوم بلد ليس للعقل فيه سلطان، فالمتخلفون هم من يقودون البلد، والكارثة هي أنّ القطيع يرقص على جثة وطنه أمام هؤلاء المتخلفين , فماذا أبقيتم من العراق أيها الفاسدون المتخلّفون، والى أين تسيرون به وأنتم تغتالون كل شيء فيه؟ تغتالون بغداد وجمالها بحقد العشائر لكل أشكال التحضر، تغتالون الطفولة حين يقف الأطفال يبيعون سقط المتاع في الشوارع، تغتالون الجمال بإغتيالكم النساء، تغتالون العقل بإغتيالكم التعليم في كافة مراحله، تغتالون آلاف الدونمات الزراعية من محاصيل يحتاجها شعبنا لتستوردوها من دول الجوار بحرقكم لحقولنا، تغتالون الثقافة بكل حقولها وأنتم تبرقعون التماثيل، تغتالون الحريّة وأنتم تشيعون ثقافة العبيد، تغتالون الفرح وأنتم تشيعون ثقافة البكاء والحزن اليومي، والكارثة الأكبر هي إغتيالكم للأمل والأحلام في نفوس الناس. لا أظنّ أنّ فيكم أيّها الفاسدون وأنتم تقودون بلدنا نحو الخراب، عراقي، وإن كان فيكم عراقي فهو كاره لوطنه حاقد عليه ويعمل على خرابه وتدميره، ولم يشهد التأريخ ولن يشهد سلطة فاسدة وحاقدة على وطنها وشعبها
الأحزاب الإسلامية لا تعمل أبدا على الحد من سلطة العشيرة، كونها تمثل قاعدتها الإجتماعية التي تنطلق منها لإستمرارها بالسلطة. لذا نرى أنّ الدولة التي يقودها الإسلام السياسي هي دولة عشائر وقبائل، أي دولة متخلفة وفاسدة على مختلف الصعد. ولكي تكتمل فصول الكارثة، نرى السلطة السياسية اليوم تعمل بجد على ترييف المدن الحضرية. فمدينة مثل بغداد وغيرها من المدن أصبحت اليوم عبارة عن مضايف عشائرية، يجري فيها حل مشاكل الناس على طريقة الأعراف العشائرية، كما وأنّ هذه المضايف هي من تتحكم بالسياسة العراقية. فالوزراء وأعضاء البرلمان، هم من زوّار هذه المضايف أثناء فترات الإنتخابات، والشيوخ في هذه المضايف هم يمنحون أصوات عشائرهم لهذا السياسي أو ذاك مقابل إمتيازات كبيرة. وهؤلاء الشيوخ قادرين على معاقبة أي سياسي يحاول الخروج عن النهج العشائري في الحكم. لذا نرى وزراء وأعضاء برلمان وموظفين من ذوي الدرجات الخاصّة، يلجأون الى الفصل العشائري حينما يختلفون فيما بينهم، وهذا بحد ذاته هو إغتيال للدولة. ويبقى السؤال الكبير هو: هل النظام "الديموقراطي" الذي يقوده الإسلام السياسي، قادر على إنهاء سلطة العشيرة والعمامة؟
إرسال تعليق