ما الذي فعلته المتاحف بنا؟

مشاهدات



فاروق يوسف


هناك بذرة للخراب يحملها المنسقون معهم وهم يجمعون الفنانين بعضهم إلى البعض الآخر مفتعلين مناسبات غبية. كما حدث في معرض بيكاسو – دوشامب الذي ربحت منه المتاحف أموالا طائلة.

كل مؤسسة فنية هي نبوءة بموت الفن

فيما كنت أتنقل بين الكنائس والمتاحف وقصور العوائل النبيلة فكّرت في مَن يعيش في مدن مثل روما أو فلورنسا التي هي أشبه بالمتاحف، ولكنها ليست متاحف مغلقة على مقتنياتها. إن كل شيء فيها يقع في الهواء الطلق.

لقد فُجعت حين عرفت أن تمثال داود لمايكل أنجيلو قد تم حجزه لتتم زيارته بالتذاكر بعد أن كان معروضا في الشارع، وهو مكانه الحقيقي. تلك واحدة من أكبر الخيانات التي تُدخل الفن إلى عالم الاستهلاك.

هناك قوة تمارس تأثيرها على علاقتنا بالفن لا علاقة لها بما يواجهه من أزمات وما يتوصل إليه من حلول. تلك هي القوة نفسها التي استولت على الإيطاليين المتمرّدين من ستينات القرن الماضي كمانزوني وفونتانا وحولتهما إلى فناني متاحف. الحكاية لا علاقة لها بالتاريخ.

روما وفلورنسا وغيرهما من المدن التاريخية بريئة ممّا تفعله المتاحف، أو لنقل دنّستها بأعمال الفنانين الذين عاشوا فيها ولم يمتثلوا لقوانين السوق، وكانوا في الأصل ضد المتاحف وطالبوا بإحراقها. فعلها الدادائيون من قبل. غير أن كل فنان حقيقي لا بد أن يفكّر بطريقة دادائية. كل مؤسسة فنية هي نبوءة بموت الفن.

هناك بذرة للخراب يحملها المنسقون معهم وهم يجمعون الفنانين بعضهم إلى البعض الآخر مفتعلين مناسبات غبية. كما حدث في معرض بيكاسو – دوشامب الذي ربحت منه المتاحف أموالا طائلة.

إنهم يفتعلون مناسبات لا قيمة لها على مستوى البحث الفني ليستدرجوا المهتمين من غير أن يقدّموا أفكارا لها قيمة. وهو ما يعني أن هناك عمليات سرقة تتم تحت غطاء الفن. لقد صارت المتاحف تُمارس ما تُمارسه مزادات الفن من طرق للجذب لا علاقة لها بالحقائق الفنية.

لم يعد الأمر متعلقا بتاريخ الفن والكشوفات الجديدة التي يمكن أن تغيّر الحقائق المكرّسة بسبب ظهور معلومات جديدة لم تكن متداولة من قبل. المتاحف اليوم هي الأخرى تخدع زبائنها. إنها تعرض مقتنياتها بطريقة توحي بأن تلك المقتنيات جديدة. ذلك ما تعلمه منسقو المعارض من المزادات وهو أسوأ ما فعلوه.

تعليقات

أحدث أقدم