هل نحنُ مواطنونَ عراقيون حقّاً؟

مشاهدات



عِذاب الركابي


السؤالُ جمرة الفكر حائرٌ ، والإجابة الظامئة المتلهفة عمياء

ولدى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وحده الإجابة ، وهو المنتظرُ منهُ أنْ يجبَّ ماقبلهُ من قوانين جائرة في حقّ العراقيين ، وهي تلغي حتى ثمالةِ الحقّ الذي لهم في الحياة والوجود ، وقد وضع أبجديتها الهزيلة المستنقع التابع لتربة الأخوان في العالم ، أذناب وخدم وعملاء أمريكا والغرب ، وهم ينفذون أجندة الظلم والفقر والجوع والحرمان واللاحرية التي هي خلاصة فكر الغرب الاستعماري ، وأساليبه الفاضحة في النفوذ والسيطرة على مقدرات الشعوب ، وعلى رأسهم الشعب العراقي الذي بدت الحكومات التي تتبارى وتتداول على حكمهِ أشرس من المرض العضال !

كلّ صحف الواقع العراقي المعيش تجمع وتقول لاقيمة لمواطني الداخل ، وهم يدفعون حياتهم ضريبة للبقاء والوجود

وهذا مفروغ منه تماماً ، ودرس أدركهُ القاصي والداني ، وعندما فكروا بعزيمة شبابهم أبناء الوطن البارين بإشعال نيران الثورة على الأوضاع المعيشية المتردية والبطالة والتبعية وعلى الفاسدين من حكام الأمس واليوم ، وربما الغد ، تصدت لهم مليشيات الخراب من كلّ جنسٍ وعقيدةٍ وهويةٍ ، بتمويل وتسليح وحضور إيراني فاضح ، بتشكيلات حرسه الثوري المحظور دوليا ، ، قاموا بقتلهم وخطفهم وتعذيبهم ، وأطفأوا نيران ثورة حقٍّ عظيمة ، جمرها ذ بأذن الله ذ لا يغدو رماداً .. ثورة الهدف من ورائها الحياة الهانئة والعيش الرغيد ، وضمان مستقبل زاهر للأطفال والأجيال القادمة ، بدلاً من حياة الموت المؤجّل والجوع والمرض والعوز والضياع ، بلْ هي حياة تشبه الموت ، ويعافها الموتُ نفسه

تقولُ صحفُ الواقع المعيش : إنَّ العراقيين موتى ، وقدْ تأخّرَ دفنهم كثيراً ..!! 

أما مواطنو العراق في الخارج الذينَ فرّوا بأولادهم وأسرهم وذكرياتهم وآيات حنينهم ، وصور وطنهم الشاحبة ، وهو يسكنُ في أعماق أرواحهم .. فروا فقط ليهنئوا بقسطٍ من العيش الرغيد ، ويجربوا الحياة ، ولو مرة واحدة ، وإذا بالسفارات والقنصليات العراقية وقوانينها العثمانية التترية الجاهزة والجائرة في انتظارهم ، حتى لو احتاجوا إلى أبسط شيء تعريف على سبيل المثال ، وثمن الورقة الواحدة عشرون دولارا .. وتسأل نفسك داخل هذا المبنى المفضي للتقيّأ ، أنت في سفارة بلدك العراق حقاً .. أم في سفارة أمريكية !؟ 

أما تجديد ( جواز السفر) فهو حكاية شائكة ، فاقت في أبجديتها كل القصص والروايات

وهوَ حقّ المواطن حسب ماتنصُّ عليه القوانين الدولية ، ولوائح حقوق الإنسان ، على أنهُ حقٌّ مشروع أينما كنتَ ، وفي كلّ زمانٍ ومكان ، وإذا بهِ صلب معاناة المواطن العراقي الوحيد في العالم ، حين استحدث الأخواني ،  لإذلال العراقي شيئاً مقيتاً وعائقاً معذباً ومميتاً اسمهُ ( البصمة الألكترونية) ، وكيمياء حبرها حضورك شخصياً حتى لو كنت تعيش في جزر الواق واق ! سلوك لاعلاقة لهُ بالإنسان ولا الحضارة البابلية والسومرية العراق ، وقد فاق في مكره وخبثه وعذابه كلّ سلوكيات نظام حزب البعث الإقطاعي وصلف طغاتهِ ومسؤوليه

أصعب جواز سفر يمكنُ الحصول عليه

وأكثر عذاباً للمواطن العراقي وأسرته وأولاده الذين يتقاسمون ، ليلاً ونهاراً ، غربة ذ أفعى تلدغ قلوبهم النحيلة ، النابضة أبداً بحبّ وطنٍ ساكنٍ فيهم و لم يعُد لهم ..!! 

 والسؤال الحائر ، والإجابة بسيطة .. إذا كان المواطن العراقي أوراقه صحيحة وسليمة ومكتملة وصالحة مثل ( شهادة الجنسية) التي تفردَ بها المواطن العراقي دون غيره من مواطني العالم و( بطاقة الأحوال المدنية) وسبق لهُ الحصول على ( جواز سفر ألكتروني) .. لماذا لاتُمنح السفارات والقنصليات في الخارج حقّ إصدار جواز السفر ، كما كانت تفعل الحكومات السابقة الطاغية ، وقد بدت أرحم من هذا التغييب والعذاب والانتظار والحرب النفسية .. هل إجراء مثل هذا صعبٌ ومكلف ، مادام المواطن يدفع ثمنه في العملة الأجنبية ، وبالدولار تقديرا وحفاظاً على المشاعر الأمريكية الأغلى من المواطن نفسه !؟ 

هل سألت الحكومة العراقية نفسها ، متمثلة في وزارة الداخلية ومصلحة الجوازات والجنسية أنَّ هؤلاء المواطنين مرتبطون بعضهم في عمل ، وآخر في دراسة ، وهم يعانون من أجل حياة الحياة ، ولابدّ من صلاحية الإقامة داخل البلد الذي يقيمون فيه ، وأنَّ نهاية صلاحية جواز السفر تتوقف بموجبها كلّ أعماله وحتى حقوقه المالية ؟ 

 أليسَ هناك طلاب علم طامحين للحصول على دراسات عليا ، ماجستير ودوكتوراه ، للرقي بالمستوى العلمي والثقافي لبلدهم ؟ وأنَّ نهاية صلاحية جواز السفر ، تتوقف عليها إقامتهم في الجامعات ، بل وتربك وضعهم الدراسي ، وخوضهم لامتحانات التفوق !؟ 

 ويظلُ السؤالُ أكثرَ حيرة .. وسهماً في سويداء القلب : ماذا يفعلُ هذا الكمّ من الموظفين المرضيّ عنهم حكومياً وبرلمانياً وحزبياً ؟ 

الغارقين حتى آذانهم في عيشٍ مخمليّ ، في تلك السفارات ، وهم لايؤدون أيّ عملٍ مثمرٍ للمواطن العراقي مجازاً المقهور حياتياً ، غير إيعاز الترهيب وأسطوانة لابدّ من الذهاب إلى بغداد إذا أراد حلاً لمشكلته .. أمْ أنَّ وجود هؤلاء الموظفين منحة واستجمام وإيفاد سياحي ؟ وليسَ عملاً مسؤولاً ، تترتب عليهم أن يعطوا صورة طيبة عن بلدهم للعراقي وغير العراقي ، وهم موجودون أصلاً لخدمة مواطنهم !؟ 

والسؤال لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي .. وإلى وزير الداخلية

لماذا لاتمنح صلاحية كافية وعادلة للسفير والقنصلية لإعطاء جواز سفر جديد لمَن أوراقه سليمة وصالحة ، وهو بعيد عن بغداد آلاف الكليومترات ، والحج إليها مكلف ، والمواطن متمكن من دفع رسوم جواز السفر .. أين الصعوبة والخطورة في إتمام مثل هذا الإجراء ، وهو في صلبه إنساني وحضاريّ إلى أبعد الحدود !؟ 

 كيفَ تفسّر الحكومة الموقرة ورجال برلمانها عدم وجود منظومة ، وصلاحية منح جواز سفر للعراقي المقيم في روسيا على سبيل المثال ؟ 

أليسَ هناك طلاب علمٍ وغيرهم مَن أصبح القلق قريناً لأيامهم بعيداً عن بلدهم ؟ 

هل يُعقلُ أنْ يسافر المواطن إلى بغداد فقط من أجل ( البصمة اللأكترونية) إرث ، للحصول على جواز سفر ، يؤمّن لهُ حياته ، تاركاً دراسته أو عمله وراءه ، وهو يجرّ عربات الهموم والعذابات وقد بدت بطيئة وصدئة ؟ 

السؤالُ الحائرُ جمرةُ الروحِ والفكر .. والإجابة عمياء

تعليقات

أحدث أقدم