الصحفي والمسؤول

مشاهدات



د. فاتح عبدالسلام


اذا صحت ادعاءات صحفي في محافظة عراقية في أن مسؤولاً سيادياً حرّك دعوى ضده وتوقف في مركز الشرطة ثمانية أيام بسبب مقال، نكون أمام صورة مأساوية من صور حرية التعبير . أي مقال لايسقط سياسياً أو يقيل وزارة أو يبطش بحكومة أو يحاصر جيشاً أو يقتحم معسكراً لقوى الأمن .

المقال غالباً يكتبه صحفي شبعان تعباً وآيل للدحرجة أرضاً لضعف صحته وسوء تغذيته وخواء جيبه وقلقه المزمن على اطفاله وقلة حيلته في توفير مبلغ ايجار المنزل البائس، وفوق كل ذلك خوفه من رصاصة طائشة في شارع أو مقذوفة سياسية تطيح بمستقبله. والصحفي لا يعبر، مهما كانت كلماته قاسية إلا عن حيّز ضيّق من معاناة بلاد تصدّعت أركان مركبها وباتت في مهب عصف البحار لولا شراع اقليمي من هنا وشراع دولي من هناك .

والصحفي أضعف من أن يستطيع أن يوكل محامياً للدفاع عنه، وربّما يحتاج الى لمّة فلوس من أصدقائه المتعبين مثله لدفع كفالة إذا تعرض لمواقف صعبة فيها شرطة ومحاكم.

هنا لا أقصد ذلك الصحفي الذي يقول أنّه تعرض لدعوى من قيادي سيادي، ولا أعرفه شخصياً، ولا ينبغي أن نعرف الشخص لنتناول قضيته، ذلك أنّها قضية صحافية جديرة بالانتباه، فلا ينبغي توقيف صحفي أو كاتب مهما كان مقاله مؤذياً وهجومياً ضد أي مسؤول. الصحفي ضمير الشعب، وهو يقدم أبسط خدمة للناس في وصف حقيقة مايجري، وماذبنه إذا كان حال السياسيين سيئاً الى هذه الدرجة المتهالكة؟

أعرف انَّ الواقع الصحفي العراقي اختلط فيه الحابل بالنابل ، لكن زمن الغربلة آت لا محالة .

تعليقات

أحدث أقدم