هل ستزيد حدة الاغتيالات ..مع اقتراب موعد الانتخابات ..؟؟

مشاهدات



ثائرة اكرم العكيدي 


مازال مهرجان الاغتيالات الأكثر دموية في العراق والذي اشتدت عروضه منذ احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، خلال حكومة عادل عبدالمهدي التي جابهت تلك الاحتجاجات والتظاهرات بالعنف المفرط، وظنت أنها ستخيف المتظاهرين، وأسقطت أكثر من 600 شاب وآلاف الجرحى الذين كانوا يحتجون في بغداد والناصرية والبصرة وميسان والنجف وكربلاء والمثنى والديوانية وسواها . وظن عبدالمهدي وحكومته أنهم سيوقفونها عبثاً حتى أسقطته بعد حرق قنصليات إيران، وحرق مقار الأحزاب الإسلامية، وكادت تقع حرب أهلية لولا تدخلات داخلية ودولية عجلت بإسقاط تلك الحكومة التي توجت تاريخها بظاهرة الاغتيال السياسي الحكومي الذي سجلته بـ "الطرف الثالث" حتى لا تلقي التهمة على أفرادها ومنتسبيها.

المواطن العراقي والذي خرج لساحات المظاهرات للمطالبه بحقوقه المشروعه والتي سلبتها اياه الحكومات المتتالية كان متاكد ان تفكيك منظومة الفساد  ليس بالامر السهل . فهي اخطبوط امتد الى مؤسسات الدولة جميعا، وتعشق مع الدولة العميقة والمليشيات وارباب الجريمة المنظمة ومالكي وسائل اعلام. والأخطر انها وجدت موطيء قدم مجتمعيا.

الإجراءات الحكومية الأخيرة واعتقالها عددا من المسؤولين قوبلت بالترحاب، وبانتظار المزيد منها دون انتقائية وحسابات وتوازنات او غيرها. فالمطلوب ان تطال جميع الفاسدين والمفسدين، صغارا وكبارا.

لقد بات المتظاهرون المحتجون ومنذ بدأ وميض الثورة  هدفاً معلناً للقتل في شوارع الموت العراقية، يتحيّن المكلفون الفرص لاغتيالهم علناً بظاهرة التربص بهم، واستخدام الشبكة الهاتفية واختراقها لمعرفة تحركاتهم، وهي خبرة ليست عراقية بل مستجدة وافدة على المجتمع العراقي الذي يوصف بالتماسك العشائري والمناطقي، لكن ظاهرة العنف تشي بأن حرب شوارع شعواء بين "مافيات" الفساد السياسي المسلحة والناشطين المدنيين تتواصل وتنتشر كسحب الدخان في المدن العراقية لاسيما الجنوبية، حيث يتصاعد دخان حرق أبخرة وغازات النفط في البصرة، دون جدوى من إيقافها بالأصوات التي تتعالى منددة بما يحدث من دعوات حكومية وبرلمانية لوقف هذا الهدر والخروقات الأمنية المتكررة فالرهان على العنف حتى الآن قتل مئات العراقيين وجرح الآلاف في جميع ساحات المظاهرات بغداد ومحافظات الجنوب  وتشير معلومات خطيرة إلى أن الغاز المسيل للدموع الذي يستخدم في العراق أشد 10 مرات من نسبة الحرق المسموح بها عالمياً، وهو ما تسبب في هذا الكم الهائل من القتلى والجرحى، ووفق بعض المواقع فإن هذا الغاز جاء من إيران.

ويبقى الانفتاح على المستويات السياسية الوطنية والشعبية لتعبئة القوى والإمكانات أساسيا ، بما يحقق نجاحات متتالية في هذه المعركة التي لا تقل أهمية عن التصدي للارهاب.

وللبعد الجماهيري حضوره الفاعل هنا، لذا يتوجب إعلامه اولا باول لتأمين الانتصار على المقاومة الشرسة المتوقعة من الجهات المتنفذة، الداخلية والخارجية.

وتتطلب عملية التصدي للفاسدين تعزيز المساءلة والرقابة الشعبيتين، ومنح العملية من خلال ذلك بعدا مجتمعيا. فدور الرقابة الشعبية أساسي وفعال، وينبغي توفير الفرص لتشارك فيه وسائل الاعلام والجمعيات والاتحادات النقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني، الى جانب الاحزاب السياسية.

ورغم هذا الوعي والإدراك من جانب المتظاهرين بأن مشكلتهم سياسية وليست اقتصادية فإن العراق العضو في منظمة "أوبك" ورابع مصدر للنفط في العالم لن يستطيع أن يوفر الكهرباء والماء والأمن لمواطنيه في ظل الحكومات المتتالية منذ ٢٠٠٣ ليومنا هذا .

كان لافتاً أن غالبية المتظاهرين الذين حاورتهم وسائل الإعلام لم يتحدثوا عن الحكومة العراقية، وجاء حديثهم بضرورة توقف إيران عن التدخل في شؤون بلدهم الداخلية عبر 56 مليشيا تابعة لها، وهو ما يعني أن المسكنات الاقتصادي  التي أعلنتها حكومة بغداد والبرلمان لن تعيد المتظاهرين إلى بيوتهم، وأن 17 عاماً من كل أنواع الفساد هو نتيجة نظام سياسي ليس من بين أهدافه مساعدة العراقيين.وهناك مجموعة من المشاهد التي تؤكد أن مظاهرات العراقيين تهدف إلى تغيير شكل وطبيعة وارتباطات النظام السياسي وليس الحصول على كسرة خبز

من الامور التي يجب ان تكون لها اولية  الحل لدى الحكومة القادمة هي محاسبة المتورطين في العنف وقتل المتظاهرين، فجميع الكتل السياسية نفت ضلوعها في قتل المحتجين، وستكون خطوة من هذا القبيل بمثابة إعادة الثقة في بدء مسار جديد ليس فيه فساد، لكن التستر على هؤلاء القتلة سيكون دليلا جديدا على استمرار الفساد السياسي المتجذر منذ 2003.

وايضا الالتزام بالموعد الذي حددته حكومة الكاظمي للانتخابات المقبله وعليها ان  تفرز حكومة تكون مهمتها تقديم قانون جديد للانتخابات ودستور جديد يعيد للعراق روح الدولة الوطنية وليس الدولة الطائفية والمحاصصية، ويطرح هذا في استفتاء عام بالداخل والخارج، وقد يكون ذلك من خلال حوار وطني عراقي صرف ، بعيد عن التجاذبات والتدخلات الخارجية.

وحتى لا يخبو الامل يجب ان تكون الانتخابات  القادمة مختلفة عن سابقاتها، وان تتوفر ظروف سياسية وقانونية وأمنية يتمكن فيها المواطن- الناخب من الاختيار وفقا لارادته الحرة،وان توفر للحكومة بطاقة بايومتري حتى لايكون هناك تزوير فبدون هذه البطاقة تعتبر الانتخابات غير صحيحة ومزورة ١٠٠% وان تكون الحصيلة في نهاية المطاف متوافقة مع ارادة المنتفضين وعموم أبناء شعبنا ومع رغبتهم الجامحة في حياة جديدة يستحقونها، بعد ما قدموا مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين والمعاقين. والقوى المتطلعة الى التغيير والعاملة بجد لتحقيقه لا ترى في الانتخابات هدفا بحد ذاته. بل تريدها وسيلة ورافعة تمكنها من تفكيك منظومة المحاصصة والفساد، وازاحة الفاسدين والفاشلين عن مواقع القرار والسلطة بعد ان اوصلوا البلد الى حافة الهاوية، والاتيان بمجلس نواب جديد يستجيب أعضاؤه لارادة الناس ولتحقيق رغباتهم وتطلعاتهم.

وبات من  الواضح  لمختلف الاحزاب والسياسيين ان الشعب العراقي استيقظ من سباته ولم يضحك عليه مرة اخرى برصيد كارت او غير ذلك لسحب صوته اثناء الانتخابات

والرهان على عامل الوقت وأن هؤلاء المتظاهرين سيعودون لبيوتهم كما عاد غيرهم من قبل، وأن تقديم وظائف لبعض العناصر النشطة في حراك الشارع قد ينزع الزخم والحماس عن المتظاهرين، ونسى هؤلاء أن هذا الشارع يختلف عن سابقيه، فالمتظاهرون اليوم عائلات بكاملها وبها عدد كبير من كبار السن والنساء وحتى الاطفال بالاضافة الى الشباب الثائر ..

تعليقات

أحدث أقدم