خالد محفوظ
منتصف خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي ومع توديع حقب الأحتلال وتحرر البلدان العربية صعد بقوة نجم المد القومي العربي ، الذي ألغى القوميات الأخرى من كورد وتركمان وغيرهم ولم يعترف بحقوقهم بل بوجودهم وحارب الاسلاميين وقمعهم وتصدى للشيوعيين وأجهض أفكارهم وبالمختصر المفيد لم يرى الا نفسه .
اليوم ومنذ قرابة العقد والنصف ظهرت للسطح وبقوة الأحزاب الاسلامية ، فماذا فعلت وهي التي كانت من ضحايا تلك المرحلة ، لقد عملت وبأصرار عجيب على ألغاء الأخر ايضاً فهو أما معها فيكون مؤمن مُزكى يحظى بما لذ وطاب من متع الحياة وأما ضدها فيصبح كافراً تحل عليه كل اللعنات وأقامة الحد واسالة الدماء وكل انواع الويل والثبور .
طبعاً اياً كانت افكار الفريقين ، فهي لاعلاقة لها بالعرب كعرب ، ولا بالدين كدين ، فهما تياران سياسيان لاأكثر ولا آقل همهما الوحيد الوصول للسلطة والبقاء فيها لأطول فترة ممكنة مهما كانت الخسائر فالربح بالنسبة لهما شخصي وعائلي فقط وماعدا ذلك فهو خسارة مطلقة .
لكن هل من المعقول لايوجد لدينا فكر معتدل بعيداً عن التشدد القومي او الديني او المذهبي او المناطقي يمسك عصا الأمور السياسية من الوسط ويحولها الى ميزان حق وعدل بدلاً من اداة تخويف وترهيب ، علماً ان ٩٠٪ منا هم وسطيون معتدلون في حياتهم ولا يميلون مطلقاً لربط اي تصرف عادي بوازع ديني والأخذ بمبدأ هذا حلال وذاك حرام الذي تتخذ منه الاحزاب الدينية منهجاً معلناً يخالف واقعها المعروف ، هذا اولاً ، اما ثانياً ، فهل حقاً نحن كشعوب غير قادرون على انتاج تيار أعتدال كما يتهمنا الغرب ، ثالثاً متى نتصرف كفعل يتطابق ومصلحتنا ، وليس كرد فعل للدفاع عن انفسنا بعد ان حولتنا احزاب الاسلام السياسي دون رغبة او تخويل منا الى اضحوكة امام العالم وهي تصنع ما لم ينزل به الباري عز وجل من سلطان ! والأهم من هذا متى سندرك اننا يجب ان نعمل وفق مصالحنا ، فالعالم كلهُ بأستثنائنا يفعل ذلك ، في حين نكتفي نحن بالتفرج ولعن الحظ وانتظار الفرج ، ألم يحن الوقت لركل فكر الأقصاء القومي والتكفير والتهميش والتخوين الديني والمذهبي الى مزبلة النسيان وصناعة فكر الوسطية التي ستكون باباً لمستقبل واضح الخطى في ظل عالم مندمج متعدد الاعراق والألوان يحارب الغلو والتشدد في كل المجالات وليس الروحانية والعقائدية فقط ويتخذ من الانفتاح على الأخر هدفاً يفعل كل شئ لتحقيقه .
ان الكف عن تسييس الدين والزج به في شؤون الدولة هو الخطوة الأولى لبناء اي دولة في العالم ، كل ماهو غير ذلك يجعلنا ندور في دائرة مفرغة لن تنتج مطلقاً اي شيء له علاقة بالدولة .
إرسال تعليق