الثقافة والسياسة بين الحلم والعلم

مشاهدات

 




 د. نزار محمود


يمر الإنسان في لحظات متسائلاً: أنا في حلم أم في علم ؟! يريد بذلك أن يتأكد هل انه نائم يحلم أم هو صاح ؟ وقد تكون تلك اللحظات سعيدة أو غير ذلك طال ولا زال يطول الحديث عن الثقافة والمثقفين وعن السياسة والسياسيين فمنهم من جعل من الثقافة والنعت بها هدفاً بذاته دون أن يتجشم العناء لسؤال نفسه : ما عساها أن تجلب تلك الثقافة من منافع له ولغيره من بني البشر .


هل الثقافة تعني كماً من الخزين المعرفي للتباهي به والمناكفة فيه ؟ أم يجب لها أن تسهل لي ولغيري أمر الاستفادة منها في تنوير العقل من أجل تمكينه من خلق معارف جديدة ؟! انها عندما تبقى في حدود مهمة خزنها واجترارها بين الحين والآخر لا تعدو ان تحول رؤوسنا إلى خزانات ماء أو صومعات حبوب واذا ما كان ذلك هو دور تلك الثقافة فقد أزاحتها اليوم مواقع وصفحات الانترنت المكتظة بأطنان البيانات والمعلومات رقمياً التي يسهل الوقوف عليها بكبسة زر!وبناءً على ذلك فإن نمط تعليمنا في الدول العربية وما نحمله من شهادات لا تعدو اليوم في غالبيتها أكثر من شهادات بائرة ! اذهب الآن الى السياسة والسياسيين فأقول : نحتاج نحن العرب الى مراجعة نقدية في فهمنا للسياسة وحاجتنا لوعي معطيات بيئتنا لكي يتسنى لنا استخدام ما يناسبها من مفاهيم ووسائل دون التمسك بها كمخالب للوصول الى السلطة والتمسك بها والانقضاض على الثروة . وفي خضم علاقة المناكفة بين المثقف والسياسي تنقصنا أحياناً كثيرة الرؤية التحليلية لتلك الاشكالية من ناحية والابداع في نزع فتيل الصراع بينها من ناحية أخرى فالمثقف يمكن أن يكون صوتاً طوباوياً يقول ما يحلو له ويطرح من الأفكار  النظرية ما ليس عليه غالباً من ضريبة يدفع عنها . في حين يجنح السياسي وقد يكون مثقفاً سابقاً الى براغماتية تحافظ على مصالحه وتحفظ له كرسيه فكم من مثقف منظر أصبح بعد حين سياسياً متنكراً لطروحاته حكماً أو انتهازية !


انه من السهل ان اختتم مقالي بعبارة : نحن العرب بحاجة الى مثقفين سياسيين مبدعين في الانتفاع بثقافتهم وإلى سياسيين مثقفين يدركون كيف يوظفون ثقافتهم في سياستهم .



تعليقات

أحدث أقدم