العراق لن يصبح- رهين البنك - الدولي لمواجهة الأزمات المستجدة والمتراكمة
نهاد الحديثي
تعكف مجموعة البنك الدولي حاليًا على إعداد إطار جديد للشراكة الإستراتيجية مع العراق مع التركيز على تقديم حلول لمساعدة العراق في التحوُّل إلى اقتصاد أقدر على مجابهة الصدمات وأكثر شمولا,, وحذر البنك الدولي من ان الظروف التي يمر بها العراق اليوم هي الأسوأ منذ 2003 وهو الامر الذي ترك أعباء كبيرة انعكست على قدرة الحكومة العراقية في التعامل مع الاحتياجات الطارئة,وقال ممثل البنك الدولي في العراق رمزي نعمان إن البنك يعمل بشكل وثيق وبصورة أكبر مع الحكومة العراقية لمواجهة الأزمات المستجدة والمتراكمة التي تضاف الى المشاكل القائمة وما ترتب عن ذلك من انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا وتبعاتها التي شكلت عبئا كبيراً على العراق,واكد رمزي ان المجتمع العراقي يشكل الشبابُ فـيـه ثروة أساسـية يـجـب البناء عليها ومنحُهم الـفرص المناسبة للدخول إلى سوق العمل وليس بالضرورة عـن طريق التعـيين الحكومي الذي يشهد تضخماً كبيراً,, وأعلنت الأمم المتحدة، انها طورت حزمة إجراءات لمساعدة العراق بأزمة كورونا وتوزيع مساعدات للمجتمعات الفقيرة
وقالت الممثل المقيم للامم المتحدة الانماني في العراق، زينة علي احمد أن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق طور حزمة إجراءات لمكافحة كورونا في العراق، تشمل زيادة قدرة المختبرات الطبية على فحص الحالات التي يشتبه باصابتها وتوفير معدات الحماية الشخصية للعاملين في القطاع الصحي، وزيادة عدد أجنحة عزل المصابين، وإجراء تقييمات لوضع ستراتيجيات التعافي لمرحلة ما بعد جائحة كورونا, وكشفت ممثل برنامج الأمم المتحدة عن "توزيع مساعدات نقدية للمجتمعات الفقيرة بوسائل عدة، بما في ذلك برامج النقد مقابل العمل – حيث يتم توظيف العمال محلياً ومنحهم أجور عمل بمقدار 20 دولارا أمريكيا يومياً، لتنفيذ مهام إزالة الأنقاض التي خلفتها عصابات "داعش" من الشوارع والأماكن العامة وطلاء وتزيين الأرصفة وإصلاح المقاعد المدرسية ورسم الجداريات التوعوية
ولفتت إلى أن "المنح النقدية للأسر التي تعيلها النساء – والتي تمنح لمرة واحدة بقيمة 500 دولار لمساعدة النساء على تغطية الديون المالية الفورية مثل الإيجار أو الأدوية أو اللوازم المدرسية لأطفالهن و المنح النقدية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لمساعدة الناس على تنمية أعمالهم والحصول على دخل مستدام". وتابعت ان "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعمل على توسيع مبادراته النقدية لتقديم الدعم الى عدد أكبر من المجتمعات المتضررة في العراق ومن هم بأمس الحاجة الى الدعم. يشمل ذلك النساء والشباب والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والنازحين داخل البلد. وبينت: نحن ندرك التأثير السلبي الذي ألحقه فايروس كورونا بدخل وسبل عيش المجتمعات في العراق
وقال البنك الدولي إن الصدمة المزدوجة لجائحة كورونا وانهيار أسعار النفط تسببت في بروز تحديات اقتصادية جسيمة ودفعت بالملايين من العراقيين نحو هاوية الفقر, ودعا البنك الدولي الحكومة العراقية إلى اتخاذ حزمة محفزات مالية عاجلة وإصلاحات اقتصادية لمساعدة الفقراء والفئات الأشد هشاشة في العراق مشيرا أن ما يصل لنحو 5.5 مليون عراقي قد يواجهون الفقر نتيجة لهذه الصدمة المزدوجة, فقد تراجعت إيرادات الحكومة العراقية بنسبة 47 في المئة بينما بقيت النفقات مرتفعة نتيجة لفاتورة الأجور العامة والرواتب التقاعدية، مما تسبب في الضغط على التمويل الحكومي, توقع معهد أمريكي للخدمات المالية، حاجة العراق إلى 40 مليار دولار من القروض الخارجية لمواجهة أزمة السيولة لتغطية كلف الرواتب وجائحة كورونا,وأشاد البنك الدولي بالورقة البيضاء التي قدمتها الحكومة العراقية مؤخرا لإصلاح الاقتصاد، مضيفا "إذا ما تم تنفيذها فستشكل نقطة انعطاف في الاقتصاد العراقي, وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جها، إن الورقة البيضاء للحكومة ستعزز خلق الوظائف، وخصوصا في القطاع الخاص، والنمو الاقتصادي، وهما شرطان أساسيان لتحسين سبل العيش للعراقيين - ويرى البنك الدولي أن "مثل هذه الإصلاحات يمكن أن تضيف ما يصل إلى 58.4 في المئة إلى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العراق
وكانت الحكومة قد استعرضت خطة أو بالأحرى "رؤية" لإحداث تغييرات هيكلية شاملة في اقتصاد العراق، في "ورقة بيضاء" طرحت على نواب البرلمان العراقي والفصائل السياسية ومن ضمن ما جاء في هذه الورقة تقليص رواتب القطاع العام وإصلاح قطاع الدولة المالي واجراء إصلاح جذري للنظام بأكمله في غضون ثلاث إلى خمس سنوات, وتدفع الحكومة حاليا رواتب زادت بما يعادل 400 بالمئة مقارنة بما كانت تدفعه قبل 15 عاما، فيما تكافح الحكومة لتغطية رواتب موظفي القطاع العام المتضخم وسط أزمة سيولة غير مسبوقة بسبب انخفاض أسعار النفط, وفرضت أزمة الإقتراض الدولي نفسها على ساحة الاقتصاد العراقي،وحذر خبراء المال والاقتصاد حكومة مصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء، من الإعتماد على القروض لسد العجز المالي، كون ذلك سيثقل الأجيال ويدخل البلاد في أزمة لا يمكن تجاوزها، مؤكدة على أن اللجنة المالية النيابية, قد ألغت القروض الخارجية,كي لانكون رهين البنك الدوليولتقليل العجز الحكومي
وكشفت اللجنة المالية النيابيةعن توجُّهٍ لإلغاء مزاد العملة كونه غير موجود في كل دول العالم إلَّا في العراق، فيما أشارت إلى أن احتياطات البنك المركزي لن تُمسَّ في الموازنة العامة لعام 2021 ,كما لن تمس رواتب الموظفين والمتقاعدين ,, احتياطات البنك المركزي لن تُمس على الاطلاق في هذه الموازنة كون اللجنة قد خفضت الاقتراض وألغيت القروض الخارجية, واشارت اللجنة ان عجز الموازنة تم تخفيضه من 71 ترليوناً إلى 24 ترليوناً فقط، حيث كان مخطط الإقراض خصم حوالات الخزانة للبنك المركزي 47 ترليوناً، إلَّا إنه تم تخفيضها إلى ترليونين فقط، إذا بقي سعر برميل النفط 45 دولاراً”، مشيرة إلى أن “العجز سيختفي قريباً وسوف تكون هناك وفرة في الأموال لدى الحكومة إذا بقي سعر برميل النفط مرتفعاً,, وأكدت اللجنة في بيانها دعم القطاع الخاص واتخاذ خطوات جريئة لمعالجته ودعم المصارف الصناعية والزراعية والعقارية لتحقيق تنمية شاملة في هذه القطاعات , وقالت اللجنة في بيان لها انها أعادت كتابة استراتيجية الموازنة وفق رؤية اقتصادية شاملة بعد ما جاءت من الحكومة برؤية مالية فقط، مؤكدة أنها سلمت نسخة من الموازنة المعدلة الى الحكومة العراقية
المحللون السياسيون يؤكدون ، إن الحكومة العراقية الحالية التي يترأسها مصطفى الكاظمي، تعلم حقيقة الوضع الاقتصادي المتردي في العراق وصعوبة الحصول على واردات مالية تتمكن بها من تسديد التزاماتها أمام أبناء الشعب العراقي من الموظفين والمتقاعدين وباقي مؤسسات الدولة, واشاروا أنها تدرك مدى إخفاقها في تنفيذ العديد من المشاريع التنموية والاقتصادية ذات النفع العام، والنهوض بالواقع الخدمي والاجتماعي للبلاد نتيجة عدم وجود الأموال والواردات التي تسعف توجهاتها، وهي بهذا تواجه ضغطا شعبيا كبيرا، كون الأمر يتعلق بحياة المواطن العراقي, وأضافوا : "كي يمكن النهوض بالاقتصاد والعودة إلى بداية واضحة من اقتصاد ميداني تستطيع فيه حكومة الكاظمي الأخذ بزمام الأمور وإعداد ميزانية متوازنة لعام 2021، يكون ذلك من خلال تفعيل قرارات المجلس الأعلى للفساد الذي أقر بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2018 , ولفتوا إلى ضرورة محاسبة وإلقاء القبض على "رؤوس الفساد الاقتصادي"، وناهبي المال العام وشبكات تبييض وتهريب الأموال وإحالتهم للمحاكم القضائية واستعادة الأموال المسروقة والمهربة، علاوة على تثبيت هيمنة وسيطرة إرادة الحكومة على المنافذ الحدودية ووارداتها المالية بشكل أدق، وبإدارة جيدة مدعومة من السلطة التنفيذية, كما أشاروا إلى أهمية استكمال عمليات المتابعة الميدانية لعمل الوزارات الخدمية والمؤسسات الحكومية، وكيفية التعامل مع المشاريع التنموية والعروض المقدمة لإكمالها بعيدة عن الفساد المالي وشراء الذمم, وشددوا على ضرورة منع أي جهة سياسية وحزبية وميليشياوية من التحكم بالعديد من الأموال والعقارات والأراضي الزراعية التي تتبع عوائدها للدولة واستثمارها من قبل هذه الجهات للمنفعة الحزبية والمصالح الفئوية، بسبب القوة المسلحة التي تمتلكها والعناصر الميليشياوية التابعة لها
إرسال تعليق