مشاهدات
د . نزار محمود
ان من يدعي ان قناعاته ومواقفه لا يطالها شك في صدقها وصوابها وبالتالي اصراره على معاداة وتسفيه الآخرين بحاجة الى مراجعة تأملية لواقع حياة البشر !
الناس أجناس في مداركهم ومصالحهم ونفوسهم وهم طيبون يمكن ان يصبحوا أشرار وأشرار يمكن ان يصطلحوا بعون الله وهدايته . إن أكثر ما ينبغي نبذه من أسباب خلاف بين البشر هو ما تعلق بأسباب وعوامل لا إرادية من منحدر أو جنس أو دين أو مذهب أو صفات وراثية لا دخل للإنسان في اختيارها وتحديدها . وهنا يجب العمل على استئصال جذور تلك المواقف العقلية والنفسية وهي بذلك حالة انتصار على الذات في سلبيتها . يعيش في برلين آلاف الناشطين سياسياً من ذوي الأصول العربية وفي مقدمتهم الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واليمنيين والسودانيين واللبنانيين والليبيين وغيرهم وهؤلاء ليسوا على توافق كبير في كثير من الأمور والمواقف سواء على المستوى الجمعي حسب بلدان الانحدار أو الخاص على مستوى البلد الواحد . فالفلسطينيون فصائل وجبهات وكذلك السوريون والعراقيون واليمنيون والسودانيون وغيرهم منهم القوميون ومنهم اليساريون واليمينيون ومنهم المسلمون ومنهم العلمانيون ومنهم السنة ومنهم الشيعة وبالطبع فكل حزب بما لديهم فرحون ولكل منهم قادتهم وانظمتهم التي يتبعون .
ولو كان الحال يتوقف على الاختلاف الطبيعي في الحياة لما احتجنا الى فعل الانتصار الايجابي على الذات لكنه حال خلاف وفرقة وتناكف وتناحر وتخوين أحياناً . ان المطلعين على الساحة السياسية للعرب في برلين يعرفون عدد التجمعات والمنظمات والأحزاب والاتحادات والمساجد والحسينيات التي تشكل صورة تلك الساحة لا أعتقد ان هناك فصيلاً لا يدعي لنفسه الصواب ولا يتحامل على غيره من الفصائل . نتبارى ونزايد على بعضنا أحياناً كثيرة في تنظيم فعل أو دعوة للقاء وحتى ساعات العسرة التي تفرض علينا التلاقي سرعان ما ينفك لقاؤنا ويذهب كل الى شأنه بعد أيام جميعنا يتحدث عن اهمية وحدة الصف والعمل المشترك لكننا حين نبدأ العمل يلوح كل منا برايته ! من الطبيعي ان يكون لكل حالة تفسيرها وقد نقع كذلك على تبريراتها على الأقل من وجهة نظر كل طرف وكما ذهبت الاشارة بأن الناس أجناس فإن كل طرف يعمل على شاكلته وفق قناعته ومصالحه وما يراه من صواب ناهيك عن الارتباطات والالتزامات السياسية من جهة وتعقيدات الامور تاريخياً من جهة أخرى . وازاء هذه الحال فإننا مدعوون الى نهضة تسامي وجهاد نفس وانتصار على الذات في مواقفها التي لا تسوقنا الا الى حالة سلبية نكون فيها جميعاً خاسرين ! وهنا بيت القصيد في المقال ! فاذا كنا مقتنعين بما ذهبنا اليه فلنبدأ القفز على حواجز وموانع الذات السلبية ولنمتلك الايمان والارادة والثقة بالنفس وننفض عن نفوسنا غبار الأنا الفردية ونهتدي بنحن الجمعية في فعلها المؤثر البناء .
انا مثلكم أعرف انها مهمة ليست بالسهلة لكنها حبل النجاة !
إرسال تعليق