سناء الجاك
يحاول بعض اللبنانيين اجتراح أمل أشبه بالمعجزة يعتمدون تقويماً أساسه 31 تشرين الأول المقبل بعد ذلك يحلمون بطيّ صفحة هذا العهد . أحدهم لفت إلى أن كلمة «العهد» بحد ذاتها باتت لعنة شيطانية لأن لها ارتباطاً دلالياً بالساكن في بعبدا وبالويلات التي استجرها على لبنان بالتالي يجب تجنبها وعدم استخدامها للدلالة على حقبة تولي أي رئيس مقبل للجمهورية فترة ولايته.. .يعتبر هؤلاء أن الدستور يقضي بانتهاء الولاية بعد 65 يوماً حتى كتابة هذه السطور ومن ثم يغادر ساكن بعبدا مقره . ليس مهماً أن الفراغ هو المرتقب . فهم يحسبون أن كل بلاء يبقى محتملاً إذا غاب الظل الثقيل ومعه الظل الأثقل والحائز على المرتبة الأولى للكائنات المكروهة بما يمهِّد لمواجهة تداعيات جهنم التي خلفها «العهد» .
لكن ما ينساه الرافضون وضع الإصبع على الجرح الحقيقي الذي يصيب البلاد بغرغرينا فتاكة أن تقويمهم تنتابه علة أبعد من جنون الكرسي والسلطة والتوريث والشهية المفتوحة على نهب مقدّرات البلد وهذا التقويم يتعارض مع واقع واحد أوحد لا ثاني له ومن دونه يستحيل لجم هذا الجنون الذي كان ولا يزال بيد الحاكم بأمره . وهو لا علاقة له من قريب أو بعيد بالتقويمات الميلادية والهجرية ولا بالاستحقاقات الدستورية ولا بأي من الشكليات المؤسساتية التي يفترض أنها تشكل مقومات دولة ببساطة لأن موجبات الاحتلال تقضي بالوصول إلى اللادولة، بما يتيح له تنفيذ سياسة محوره ويلتزم مصلحته واستحقاقاته واستراتيجيته القاضية بمصادرة لبنان وتحويله مستعمرة خاضعة بالكامل له ولوليه الفقيه . هو وضع لنا البرنامج وعلينا أن نخضع ... ولا مجال لأي طرح مغاير ... ونقطة على سطر خزعبلات من يتوهم أنه يعارض الفساد ويحاول مكافحته ليبني وطناً . وبالطبع ليس منتظراً من الحاكم بأمر محوره أن يتدخل لقبع ساكن بعبدا من قصره فهو على العكس متمسك به ومعجب بإنجازاته المبهرة وقطعاً لم يكن ليجد أفضل منه لتوليد العقد والأزمات وشل البلاد وتكريس الطائفية والمذهبية وبث الكراهية وتبرير الفساد بالمظلومية .
فهذا التخريب الممنهج يحظى برعايته الكاملة ومباركته ونعمته وتحديداً إذا تفتقت العبقرية عن نسف للدستور بممارسات مرتقبة كما يتم الترويج . بناء عليه الحاكم بأمره يعتبر الساكن في بعبدا كنزاً ينهل منه ليرتب أولويات محوره بتشغيله وفق أجندته ... بالتالي فليبق في بعبدا ويمعن في الاستعصاء والإرغام لكل من يتوجب عليه العمل معه فلا يتزحزح ويزيد الخراب خراباً فيتلهى الآخرون من جهابذة المنظومة بالمعارك والسجالات البيزنطية وما حرب تشكيل حكومة الفراغ إلا ملهاة وفصل من فصول الجحيم اللبناني . وما العصفورية التي لوّح رئيس الحكومة المكلف والمتولي تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلا واقعة مسلية قياساً لما يعدّه الحاكم بأمره للبنان واللبنانيين . بالتالي فإن التقويم القائم على حساب 65 يوماً لتنتهي المأساة هو بدوره ملهاة لمن يحسب أن «العهد» هو سبب البلاء وأنه يحمل دون سواه أو حتى مع سواه من جهابذة المنظومة اللاهثين خلف حصصهم من جبنة الحكم المسؤولية عن جهنم التي ننزلق في أعماقها إلى مجاهل أتون جديد . التقويم الحقيقي المفترض اعتماده لا يتعلق بالأدوات ولا يتوقف عند الذين سهّلوا خراب لبنان في المصرف والمرفأ والمستشفى والمدرسة… وانما يتعلق بمن يتفرج على هذه الأدوات وهي تنفِّذ أجندته القاضية بتعطيل انتخاب رئيس بطلب من رأس المحور الذي لم يعد يرتضي إلا أثمانا تنال من صلب الكيان وتطيح بالمؤسسات الدستورية وتمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في هذه المرحلة . أما عن المراحل اللاحقة فلا لزوم للسؤال... ونصيحة لوجه الله : تقويم الأيام الـ65 هي للاستهلاك المحلي... وَسِّعوا الرؤية...
المصدر : نداء الوطن
إرسال تعليق