بساطة العلاقات الاجتماعية

مشاهدات


فاطمة المزروعي


كثير من الحكماء أوصوا دوماً بأن نقرب الأوفياء وقالوا إن المحظوظ من يملك أصدقاء مخلصين والسبب أن الصديق الوفي يعني مرآة لك تنظر من خلالها على عيوبك الشخصية وتتمكن من علاجها قبل استفحال الخطأ دون أن تنتبه له أو يتم التنبيه بطريقة قاسية عليك لكن الصديق الوفي أو حتى الأخ هو يقوم بدور الناصح الصادق فهو يراك تماماً كما يشاهدك الناس .

 

تقول الممثلة الكوميدية الأمريكية الين دي جينيريس : «في بعض الأحيان لا يمكنك رؤية نفسك بوضوح إلا من خلال الطريقة التي يراك بها الآخرون». وهذه النظرية صحيحة من واقع الحياة فنحن في كثير من المواقف الحياتية لا ننتبه لطريقة حديثنا ولا لملبسنا ولا إلى كيفية التعامل مع موقف ما وقد نرفع صوتنا في ظرف يتطلب خفض الصوت وقد نخفض الصوت ويكون دلالة على الضعف ويفترض رفعه وقد نفوت مشروعاً ما أو نهمل دراسة أو عملاً على درجة من الأهمية ونشرع في عمل أقل قيمة ونحتاج لمن يذكرنا ومن ينصحنا لذا دوماً أقول بأنه حتى في نطاق العمل والوظيفة نحتاج للمخلصين للمرآة التي نرى من خلالها العيوب والزلات والأخطاء . الحياة المعاصرة بما تحمله من مهام وواجبات وأعمال جعلت الكثير من القيم والعادات المجتمعية التي عشناها أو تلك التي عاشها الآباء والأجداد تأتي في مرحلة أقل، بمعنى باتت الأولوية هي لهذه المهام والواجبات الجديدة على سبيل المثال زيارات الأهل وبناء جسر من التواصل والصلة مع الأرحام والأقارب هي من الواجبات الاجتماعية التي نتوارثها جيلاً وراء جيل دوماً هناك متسع من الوقت للقيام بها بحب وعفوية بل إن البعض يتوجه نحوها كحاجة للشعور بالمحيط والأهل في ظل الضغوط والمهام التي لا تنتهي . ومع هذا نلاحظ أنه أمام طبيعة الحياة التي نعيشها باتت مثل هذه الجمعات واللقاءات شحيحة أو نادرة ولا يتم التواصل إلا عبر الرسائل القصيرة من خلال تطبيقات الهواتف الذكية في المناسبات المختلفة ومع مرور الأيام يتم تناسي حتى تلك الرسائل ولا تصبح مغذية ولا مجدية ولا مفيدة . الأبناء لا يزورون بيت الجد والجدة ولا يقفون على خدمتهم والسهر على راحتهم ولا يتلمسون ما يحتاجونه وهم في هذا العمر المتقدم وإن حدثت زيارة فهي سريعة وكأنهم ضيوف وغرباء . العلاقات الإنسانية ليست بتلك الدرجة من التعقيد كما يقال لكننا نحن من نضع تلك الهالات عليها ونحن من نريد أن تكون وفق تلك الحالة والمكانة . العلاقات بين الناس في أي مكان وفي أي زمن تخضع لعدة معايير من الأخلاق والمنفعة والشعور المتبادل بالتقبل والرغبة في إقامة صلات من الود والتحاب والألفة ونحوه . 

 

وإذا كان هذا قرارنا فإنه في البعض من الأوقات نكون ملزمين بالتعامل والتعاطي مع أناس لا نحبهم أو لا نرغب بأي صلة تواصل معهم في مجال الصداقات قد تعتبر صديقك يمتلك جميع الصفات الحسنة لكنك وبعد فترة تكتشف أنها صفات سطحية ولا تمس عمقه فهو لا يملك مبادئ عميقة ويغير مواقفه تماماً كما يغير ملابسه بسهولة وببساطة مثل هذه النوعية من الناس لا تستحق المراهنة عليهم واعتبارهم أصدقاء أوفياء العلاقات بين الناس مهما كان نوعها بسيطة وغير ملزمة بعقد قطعي ولا يوجد فيها ثواب وعقاب يومياً نشهد كلمات المحبة والوفاء وعهد الأصدقاء وأيضاً نشهد إرثاً من الخيانة والترك والهجر والغدر إنها الحياة فحصن نفسك على المفاجأة وتوقع دوماً التغير والتبدل وعندما تقنع نفسك بهذه الحقيقة فأنت تجلب الراحة لنفسك . 


المصدر : وكالات

تعليقات

أحدث أقدم