علي الجنابي
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }
أجل، هو مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، وليس (أبا قاسم) ولا (أبا إبراهيم) ولا (أبا زهراء) ولا (طه) ولا (يس)، ومن الجهالةِ المقيتةِ أن يناديه مسلمٌ بكنيتهِ، أو بإبتداعِ أسماءٍ له من حرفين مُبهمين ما أنزل الله بهما من سلطان بل هو...
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }
نعم، (مُحَمَّدٌ) هو (رَسُولُ اللَّهِ)، وليس (قائداً) ولا (زعيماً) ولا (ملكاً) ولا (معلماً) ولا (طبيباً)، ولا (أعظمَ شخصيةٍ بين مئةِ شخصية في التاريخ)، لأنه لا يقارنُ بغيرهِ من البشر، وهكذا هم الرسلُ والأنبياء أجمعون لا يُتفاضلون مع غيرهم من بني آدم، بأنهم رجالٌ يخاطبون السماء، ولأنهم أعلى درجاتٍ من البشر أجمعين، وسيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم هو أعلى العليين من الثقلين. وهو...
{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ }
إي، وهكذا وصفه ربه فقالَ ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) ، وهكذا أمرنا أن نناديه نحن ( يا رَسُولَ اللَّهِ) وحسب، وهكذا ناداهُ أهلُه وآلُ بيته (يا رَسُولَ اللَّهِ)، وهكذا نادوه صحابته (يا رَسُولَ اللَّهِ)، وهكذا نادته عشيرته (يا رَسُولَ اللَّهِ) ، وهكذا نادوه وينادونه وسينادونه التابعون من ذوي الألباب أجمعون الى يوم القيامة (يا رَسُولَ اللَّهِ) ، ومن المعيب الغريب العجيب أن نناديه كما ناداه خصومُهُ من (يهود) بأبي القاسم، أو كما ناداه أعداؤه من كفرة قريش ( يا محمد). وإتما الأعجب الأغربُ أن يُغرقَ ديوان الوقف السني العراقي Iraqi Sunni Affairs ، والمجمع الفقهي العراقي ل [كبار] العلماء للدعوة والإفتاء، أزقة عاصمتنا بغدادَ، وربما دروب العباد في عموم البلاد بلوحات إحتفاءٍ بالمولد النبوي الشريف مزخرفةٍ بعبارةِ (محمد "القائد والقدوة")! ولبئسَ الفكر فكرهما فيما همُ فيه قد لهبوا، ولبئسَ الخطب خطبهما فيما همُ فيه قد ذهبوا، وإنما سيدنا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ هو (الأسوةُ الحسنة) وكفى، وليس (القائد والقدوة) ، وحاشاه أن يكون (قائداً وقدوة) .
إي نعم حاشاه وحاشاهُ !، فشتانَ وشتانَ بين درجةِ (التأسي) ورتبةِ (الإقتداء) لمَن عَلِمَ فَغَنِمَ، وفَهِمَ فَنَهِمَ ، ولمَن تَفَكَّرَ فتَذَكَّرَ، ووعى فرعى . وإنما الأسوة هي ثناءٌ بكمالٍ مطلقٍ من الله على الذات الشريفة لرسول الله ، بينما القدوة هي أوامرٌ بإتباع وإقتداء فعل المتبوع لا ذاته . الأسوة هي طاعةٌ بولاءٍ مطلقٍ منّا لذات رسول الله ولنور هديه، في حركاته وفي سكناته، في نطقه وفي صمته، في بقظته وحين غفوته، والقدوة هي إتباع التابعِ لأفعال المتبوع فقط حال مشاهدته . الأسوة هي إتباع أبديٌّ للرسول في حياته وبعد مماته، والقدوة هي أقتداء آنيُّ وتقليد حميد (أو غير حميد) لأفعال المتبوع حال حياته. الأسوة محالٌ للمرءِ أن يبلغً فيها درجةَ المتأسّى ولو جدَّ السعيَ كلَّهُ. والقدوة قد يبلغُ المُقتَدِي رتبةَ المُقتَدى، أو حتى مرتبةً أعلى منها . الأسوة مفردة مختصٌّ إستعمالُها بالرسل الأنبياء، والقدوة مفردة مختصٌّ إستخدامها بخيار الناس من أولياء ومن علماء، ومن زعماء حكماء . ( والأسوة تكون حسنة والقدوة تكون حسنة، وقد تكون أسوة سيئة وقدوة سيئة، لكنه نطقٌ واهنٌ وغريبٌ، ولا تستسيغ الأذنُ العربية سماعه، لأنها تعودت على سماع (الأسوة الحسنة والقدوة الحسنة) وحسب . والأن، وقد إستبانَ لكم بهذا الإيجاز اللغوي الوجيز الخاطف أيا ديوان الوقف السني العراقي، ويا أيها المجمع الفقهي العراقي ل [كبار] العلماء للدعوة والإفتاء، هولَ الكسلِ الغريب الذي أنتم فيه مركسون وفاطسون ، وحجمَ الجهلِ الكئيب الذي أنتم فيها طامسون وغاطسون! هاكمُ نجوىً بيني وبينكما فقط يا (كبار) العلماء : حتى لو إستسلمنا للوحاتكم، وإرتضينا بقيلكم أنَّ سيدنا رسول الله هو (القائد و القدوة ) وأن لا فرق في المعتى مع أختها ومرادفتها (الأسوة الحسنة). فلا يجوز لنا هاهنا أن نقول محمد (القائد و القدوة ) بل نقول محمد ( القائد القدوة) وبلا [ واو العطف] التي أفادت هنا معنى (التقليل) من شأن الرسول وليس (التعظيمَ) لشأنه صلى الله عليه وسلم ، وقد تعلمون أن الله سبحانه وتعالى هو (الحي القيوم) و(السميع البصير) وهو (حكيم عليم) و(لطيف خبير)، وليس سبحانه هو (الحي و القيوم) و( سميع و بصير)، ولن تجدوا في الذكر الحكيم أبداً واوَ عطفٍ محشورة بين صفتين لرب العرش العظيم.
و(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ)، فتَأدَّبوا مع رسول الله وتَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيها العمائم يرحمكم الله، وكفاكم إلتهاماً للثريد غدُوَّاً وعشيّاً وإلتقموا علوم الشرع ومنهاجه، فذلك خير لكم ولنا وأزكى وأبقى، ولكأنّي ب(الثريد) قد أضحى تسبيحكم حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ !
اسْتَفِيقُـوا، فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ. وقد....
حُكِّـمَ العِلْـجُ فِيكُمْ مَعْ مَهَانَتِـهِ ......... يَقْتَـادُكُمْ لِهَـوَاهُ حَيْـثُ يَنْقَلِـبُ
مِنْ كُلِّ وَغْدٍ زَنِيمٍ مَا لَـهُ نَسَـبٌ .... يُدْرَى، وَلَيْسَ لَـهُ دِيـنٌ وَلا أَدَبُ
وَكُلِّ ذِي خَنَثٍ فِي الفَحْشِ مُنْغَمِسٍ .. يَزْدَادُ بِالْحَـكِّ فِي وَجْعَائِـهِ لجَرَبُ
سِلاحُكُمْ فِي وُجُوهِ الخَصْمِ نَومُكُمُ وَخَيْرُ جُنْدِكُمُ التَّدْلِيـسُ وَالْكَـذِبُ
ردّوها عليَّ إن إستطعتم .
(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد . اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد).
إرسال تعليق