قراءة في خطاب حالة الاتحاد

مشاهدات

 


ماريا معلوف
متخصصة بالسياسات الأميركية وشؤون الشرق الأوسط



في وقت يعاني فيه الشعب الأميركي وكذلك الكونغرس من تشظيات وانقسامات حادة ثمة هواجس أميركية داخلية وخارجية للعام الحالي 2023 يتحسسها المتابع لخطاب الرئيس جو بايدن يوم السابع من فبراير الجاري حول حالة الاتحاد وهو الخطاب الأول له أمام جلسة مشتركة للكونغرس بشقيه الشيوخ والنواب منذ أن استأثر الجمهوريون على مجلس النواب في يناير من العام الماضي 2022. على المستوى الداخلي ركزّ بايدن على حالة الانقسام في الكونغرس منذ الانتخابات النصفية الأخيرة الأمر الذي يؤكد أرق وخوف بايدن والحزب الديمقراطي من ريادة الحزب الجمهوري للقرار في مجلس النواب أخيراً وعدم قدرة ادارة بايدن تمرير مشاريع قوانين بسلاسة رغم تأكيده العمل مع الحزب الجمهوري بعد حالة الانقسام  في الكونغرس بغرض مواجهة التحديات التي تواجه أميركا أما الهواجس الخارجية بالنسبة لبايدن وإدارته كما استحضرها في خطابه كانت تهديدات بكين وموسكو هي الحاضر أيضاً لكن اللافت استغلال بايدن الخطاب للاستفاضة في إنجازات اقتصادية لإدارته حيث قال في خطابه حول حالة الاتحاد" :

 

إن الاقتصاد يستفيد من 12 مليون وظيفة جديدة" كما اشاد بمرونة الاقتصاد الأميركي وقوته حيث تراجعت معدلات البطالة إلى أدنى مستوى لها منذ (54) عاما وتمّ تخفيف حدة التضخم المعبر عنها بارتفاع الاسعار كما أشار إلى أن كوفيد-19 لم يعد خطيراً على حياة الأميركيين كل ذلك يعتبر رسائل للمواطن والناخب الأميركي وكأن ذلك انطلاقة مبكرة لحملته الرئاسية لعام 2024  في وقت تراجعت فيه شعبيته . وقد شهد خطاب بايدن إشكالاً حين هاجم الحزب الجمهوري بسبب أزمة سقف الديون قبل أن يقول إن بعض النواب الجمهوريين الذين لم يكشف عن أسمائهم طالبوا بتقليص ووقف برامج الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي حيث تمّ سماع هتاف كاذب بالإشارة الى الرئيس الأميركي خلال خطابه في الكونغرس كما لوحت النائبة مارجوري تايلور غرين بيديها معترضة فيما كان النائب تروي نيلز يصيح رافضا لحديث بايدن وهز العديد من النواب الجمهوريون رؤوسهم لإبداء عدم موافقتهم على ما قاله الرئيس الأميركي ومهاجمته للحزب الجمهوري ومن هواجس أميركا الداخلية كما أوضح الرئيس الأميركي في خطابه أن رؤيته للدولة تتمثل في استعادة روح الأمة وإعادة بناء الطبقة المتوسطة وتوحيد البلاد وقال "نحن هنا لإتمام المهمة" العبارة التي ذكرها تكرارًا في خطابه وبطبيعة الحال فإن كافة الرؤساء الأميركيين يؤكدوا خلال خطاباتهم المختلفة على ذلك وهذا ليس جديد على المواطن الأميركي والمتابعين في ذات الوقت . وعلى صعيد السياسة والهواجس الخارجية أكد الرئيس الأميركي في خطابه على المؤكد والقاسم المشترك بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي و المتمثل أساساً في استمرار تهديدات الصين وروسيا قائلاً إنه "لن نسمح للصين بترهيبنا وديمقراطيتنا لا تُقهر وإن الولايات المتحدة ستتصرف عندما يتم تهديد سيادتها" لكنه أكد في الوقت نفسه أن واشنطن لا تسعى إلى نزاع مع بكين كما أشار بأن الولايات المتحدة اليوم في أقوى موقع منذ عقود للمنافسة مع الصين أو أي طرف آخر في العالم ولذلك أن "الفوز بالمنافسة مع الصين يجب أن يوحدنا جميعًا" مؤكدا في الوقت نفسه تصميمه على "العمل مع الصين حيث يمكن أن يخدم ذلك المصالح الأميركية ويفيد العالم بأسره وهذا بحد ذاته إشارة الى المنافسة والحرب الناعمة غير الخشنة التي تؤدي الى صراعات عسكرية غير محسوبة النتائج والاتجاهات . 

 

كل ذلك يعتبر بمثابة رسائل عامة ليس الا خاصة وأن بايدن مرّ في نهاية خطابه في شكل سريع ومقتضب على قضية حظيت بمتابعة كبيرة وترقب من قبل الأميركيين والإعلام في العالم على حد سواء قبل نحو إسبوعين وتمثلت بالمنطاد الصيني الذي تمّ إسقاطه وتدميره قبالة سواحل ولاية كارولينا الجنوبية وقد اتهمت الإدارة الأميركية بأن لذلك أبعاد تجسسية وعسكرية لبكين على أميركا دون إشارة إلى سبل المواجهة الواضحة . وفي الاتجاه توجه بايدن أثناء خطابه حول حالة الاتحاد لعام 2023 إلى سفيرة أوكرانيا لدى واشنطن "أوكسانا ماركاروفا" التي كانت حاضرة : قائلاً "سنقف إلى جانبكم مهما استغرق الأمر أمتنا تعمل من أجل مزيد من الحريات والكرامة والسلام ليس فقط في أوروبا بل في كل مكان" في وقت برزت فيه أصوات أميركية من الكونغرس الأميركي تدعوا إلى تخفيض المساعدات لأوكرانيا خاصة مع استمرار الحرب وتداعياتها الاقتصادية على أميركا حيث ارتفعت أسعار كثير من السلع الغذائية والطاقة وقد تحسس المواطن الأميركي ذلك . وفي رده على خطاب الاتحاد للرئيس بايدن أشار الحزب الجمهوري إلى مخاوف جوهرية في المستويات الاقتصادية وبعض القضايا الثقافية المثيرة للجدل وذهب الحزب الجمهوري إلى أبعد من ذلك حين تطرقت "سارة هاكابي" والبالغة من العمر 40 عامًا وأصغر حاكمة في أميركا إلى عمر الرئيس بايدن وقالت "في عمر الثمانين هو أكبر رئيس في التاريخ الأميركي" مضيفةً أنه "حان الوقت لجيل جديد من القيادة الجمهورية". الأمر الذي يؤكد عدم تطابق الرؤى بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي في ملفات وهواجس أميركية مختلفة رغم حديث بايدن في خطابه حول حال الاتحاد عن اهمية التعاون مع الحزب الجمهوري . 


المصدر : عربي-sky-news

تعليقات

أحدث أقدم