د. نزار محمود
لقد شاءت الأقدار أن نهجر أوطاننا أو أن نولد في غيرها . نتفق ونختلف في أسبابها ومسببيها وكوننا بشر نختلف كذلك في أشكال وطرق التعامل معها. كما أن انتماءاتنا الى فرق سياسية وتجمعات اجتماعية ورؤى ثقافية مختلفة فإنه الآخر يجب أن نفهمه ونتفهمه كذلك وعلينا التعامل والتعايش معه . الجميع ينادي بوحدة الصف والجميع يدعو الى نبذ الفرقة والتناحر. بيد ان الجميع "تقريباً" يتصرف عكس ذلك !!! وحيث أنه تبقى القضية الفلسطينية في مقدمة قضايانا نحن العرب والمسلمين فإن أكثر ما نعول ونبني عليه هو موقف الصفوف الفلسطينية تجاه بعضها البعض أولاً وتجاه من أخلصوا من العرب والمسلمين تجاه قضيتنا المشتركة ثانياً .
إن هذا المقال ليس مناسبة لنبش ما يحدثنا به التاريخ من مواقف ليست صحيحة في قواميس الكفاح والمقاومة . ان الفصائلية والخندقة السياسية والأمزجة الشخصية باتت تشكل عيباً كبيراً في سلوكيات بعضنا تجاه البعض الآخر في تجاهل أو اختلاق الأسباب في عدم المشاركة لا بل والتشهير بما يدعو أو يقوم به من أجل تسفيه عمله أو تسقيطه حتى في الفعاليات التي لا ينبغي أن يكون فيها اختلافاً أو وجهة نظر في عدم جدواها . صحيح أن هناك من يركب موجات الأحداث ليرفع راية فصيله ويطلب من الآخرين الإنضواء تحتها في فعاليته وكأنه يزهو كديك في ساحة الفعالية، الا أن ذلك لا يجب أن يعالج بالمقاطعة في الأمور الهامة والمصيرية، وإنما بكشف ذلك السلوك المتاجر بالأحداث والدعوة الى وجوب العمل الجماعي . قد يبتسم البعض وهو يقرأ السطور الأخيرة متذكراً خيبات الأمل الكثيرة في هذا الشأن ! لكني أبقى أصر على أن لا خيار لنا غير الصبر على أنفسنا والآخرين .
في برلين يعيش مئات الآلاف من العرب والمسلمين وهم يعيشون استلاب حقوقهم المشروعة في هذا الشأن أو ذاك لكنهم ما استعدوا ولا اهتدوا الى سبيل موحد فاعل للدفاع عنها واستعادتها . حتى في قضايا لا بنبغي ان يقوم فيها اختلاف كبير ترى الفصائلية السياسية والأمزجة الشخصية تلعب دورها في مقاطعة فعاليات تدور حولها كما حدث فبل يومين من لقاء مع ممثلي الأحزاب الألمانية والتحاور معهم حول خصوصيات حاجاتنا من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية والتنوير بمواقفهم لاتخاذ القرار الأسلم في انتخابنا للاحزاب والشخصيات المرشحة للانتخابات المعادة لبرلمانات برلين وبلدياتها . انه عتاب اخوة يعصر القلب ونحن نرى يومياً تساقط الشهداء هنا وهناك وآلاف المعوقين والأسرى والثكالى والايتام من ابناء شعوبنا الإنسانية المقهورة .
إرسال تعليق