زلزال في تركيا وأنقاض في الموصل

مشاهدات


ياسر عبد العزيز

 

وصفه المختصون بالأعنف منذ مئة عام فيما قدر مسؤول إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" قوته بما يعادل حجم الطاقة المنبعثة من 500 قنبلة نووية ما خلف بحسب الحصيلة الأولية تدمير ما يزيد على الـــ 6 آلاف مبنى قضى تحتها ما يزيد على 30 ألف شخص حتى كتابة هذه السطور . 

 

زلزال تركيا المدمر محى أحياء كاملة من على الخريطة في عشر ولايات تسارع الحكومة التركية في انتشال الضحايا من تحت الأنقاض وتسابق في ذلك الزمن ولعل هذه الجهود المخلصة من فرق الإنقاذ هي التي جعلتهم يستلمون الجائزة مباشرة في شكل خروج أحياء من تحت الأنقاض بعد سبعة أيام من وقوع الزلزال وهي جائزتهم الحقيقية شاهدناها على وجوههم بعد خروج نفس من تحت الأنقاض مستشعرين الآية (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) . على مستوى القيادة كان التحرك من اللحظة الأولى بخطة واضح أنها كانت معدة مسبقاً في سياق تخطيط الدول للكوارث والأزمات فيما يعرف بخطط إدارة الأزمات ورغم مرور نحو أسبوع على حدوث زلزال كهرمان مرعش المدمر فإن الهزات الارتدادية لا تزال مستمرة ومستمرة معها زيارات القيادة التركية بداية من رئيس الدولة مروراً بوزراء حكومته فيما يشبه خلية النحل حتى أن الرئيس التركي لم يغادر الولايات المنكوبة ويشرف بنفسه على جهود الإنقاذ ورفع الأنقاض كما وجه كل ولاة الولايات القريبة من المناطق المنكوبة بالتحرك مع موظفي ولاياتهم للمساهمة في إدارة وتنفيذ خطط الإنقاذ وفي وقت تواجه فيه عمليات الإنقاذ تعقيدات مختلفة بينها اتساع رقعة الدمار وحالة الطقس وعد الرئيس التركي بالانتهاء من رفع الأنقاض بأسرع وقت وبدء عملية إعادة إعمار المدن التي تضررت من الزلزال وله في ذلك رصيد يسمح للمستمع أن يصدق وعوده فآثار زلزال أزمير في 2020 رفعت في وقت قياسي وتم إعادة تسكين المتضررين في منازل جديدة بعد أقل من عام ونصف من وقوع الزلزال .  جنوباً وبعيداً عن هذه المأساة جغرافياً بآلاف الكيلومترات تقع محافظة في شمالي الجار العراق شهدت عمليات عسكرية منذ ما يقارب السبع سنوات خلفت آلاف القتلى والجرحى ودماراً واسعاً في البنى التحتية والبيوت مخلفة أزمة إنسانية واسعة النطاق وعلى الرغم من ان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي قد أعلن في 2017 انتهاء العلميات العسكرية واستعادة الحكومة المحافظة لا تزال آثار الدمار واضحة في شوارع المحافظة وأزقتها رغم حملات التبرع لإعمار المحافظة وتدفق المتطوعين عليها من كل البلاد العربية والغربية من حكومات ومؤسسات مجتمع مدني لإعادة ما دمرته آلت الحرب الحكومية ولا تزال جثث الضحايا حتى الآن تحت الأنقاض تفوح من بعض المناطق رائحة الجثث لاسيما في منطقة الموصل القديمة باعتبارها آخر منطقة شهدت عمليات عسكرية . 

 

هذه المقارنة بين ذلك الزلزال الذي ضرب تركيا بقوة تعادل خمسمئة ضعف قنبلة نووية وتلك الضربات بالأباتشي والمدافع في عملية استعادة الموصل ورغم قوتها وتأثيرها على البشر والحجر إلا أنها لا تقارن بذلك الزلزال بهذه القوة التدميرية للزلزال التركي لكن المقارنة في شكل ونوع والإرادة السياسية للحكومتين في كل من العراق وتركيا فعلى الرغم من تعاقب الحكومات في العراق بعد انتهاء العمليات العسكرية  ورغم الوعود المتكررة من كل رؤساء الحكومات المتعاقبة بإعادة إعمار المحافظة المنكوبة في ظل وجود أموال إعادة الإعمار سواء من دول المانحة في مؤتمرات متعاقبة دفع فيها ملايين الدولارات، وبين حكومة شمرت عن ساعديها من اللحظة الأولى لرفع الآثار الكارثة عن وجوه مواطنيها ووضع البسمة على وجوههم هي مقارنة مجحفة لسبب بسيط هو أن في تركيا حكومة منتخبة تعرف أن الشعب سيحاسبها وفي العراق حكومة لا هم لها إلا محاسبة الشعب .

 

 


 

    

تعليقات

أحدث أقدم