محمود جاسر الماضي
كان الاتحاد السوفييتي قبيل تفككة يمتلك 39000 سلاح نووي حيث ان آخر تجربة نووية اجراها كانت في 24 أكتوبر 1990 .. ولديه الـ KGB كواحد من اقوى اجهزة الاستخبارات حول العالم .. كل هذه القوة لم تحول دون السقوط والتفكك على وقع الحرب الباردة التي نخرتها من العمق حتى سقطت وتفككت .. لذا استغرب ممن يعتقد ان القوة النووية والصناعية والتحالفات تحول دون سقوط اي منظومة سياسية .. واستغرب ممن يستصعب سقوط روسيا وتفككها مجددا او دخولها في حرب اهلية وهي التي تفككت بكيانها الاكبر عام 1991 ..
ومن يقول ان روسيا اليوم بقيادة بوتن تختلف عن الاتحاد السوفييتي بقيادة غورباتشوف فان مجريات ماعلى الارض هو من يقرر إن كان ثمة فروقات او ان الاتجاه واحد فالاستخبارات الروسية والذهنية السياسية لبوتن لم تنجح في قراءة الفخ الاوكراني قبل السقوط فيه بدليل اعتراف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال بعد عام من السقوط في الفخ (ان ما يحدث في أوكرانيا الآن هو نتيجة لسنوات عديدة من الاستعدادات من قبل واشنطن والدول التابعة لها لبدا حرب عالمية ضد الاتحاد الروسي) وبالتالي اذا كان الامر كذلك فلماذا يصنع بوتن مسوغات هذه الحرب منذ البداية عندما أرسل نحو 200 ألف جندي إلى أوكرانيا في 24 فبراير 2022 معتقدا أن بإمكانه اجتياح العاصمة كييف في غضون أيام والإطاحة بحكومتها ؟!! صحيح انه ليس من صالح النظام العالمي الراهن سقوط روسيا او الصين بل انه ليس من صالح منطقتنا العربية لكن الامنيات شيء وقراءة واقع الاحداث ومجرياتها (بتجرد) شي اخر مختلف .. قد تنتهي حركة تمرد فاغنر على خير وهذا مايبدو الان لكنها لن تعبر ابدا دون تأثير معنوي سلبي على مزاج الجيش الروسي في ظل حتمية وصول الحرب لمرحلة استنزاف روسيا .. وحروب الاستنزاف التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية عادة تمهد دائما لمابعدها .. وقد اعترف لافروف اواخر عام 2022 بهذا الاستنزاف بقولة ان الولايات المتحدة الامريكية لا تسمح لأوكرانيا بإجراء محادثات سلام بهدف "استنزاف" روسيا وهو مايعني ان روسيا تحولت من حالة الهجوم الى حالة البحث عن خلاص من خلال مباحثات السلام التي ترجوها من اوكرانيا .. ومن هذا المنطلق فان قوة روسيا الوهمية لايفترض قراتها من خلال (هياط بوتن) كما ان ضعف امريكا الوهمية ايضاً لايفترض قراءتها من خلال (خرف بايدن ) .. وللاسف فان العرب دائما ما يقرأون الاحداث بالمقلوب .
إرسال تعليق