الحسين يقتل من جديد

مشاهدات




سعد احمد الكبيسي


عندما مات النّبي صلى الله عليه وسلم، وقف أبو بكر خطيباً :

أيّها النّاس، من كان يعبدُ محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبدُ الله فإنّ الله حيّ لا يموت . وهذا هو أعمق فهم للإسلام ، أن يكون محور إيماننا الفكرة لا الشخص مهما كان عظيماً ! 

 

يقول علي شريعتي : الحُسين حيّ يُرزق، لا يحتاج لمن يبكيه ، وإنما يحتاج لمن يمشي على دربه ! جدّه رسول الله، وأمه من سيدات نساء العالمين، وأبوه فارس مغوار وعالم نحرير، والحسين  قضى في واحدة من أبشع الجرائم في تاريخنا ! وإن كان الحُسين بمفهومنا فكرة، فالفكرة لا تموتُ، وإنما تُحتذى ! فما الفكرة التي استشهد في سبيلها الحسين، ليخبرنا عنها بنفسه :

 

إنّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، وإنّما خرجتُ للإصلاح في أمة جدّي رسول الله !

 

إذن الفكرة هي الوقوف في وجه كل طاغية ظالم . لهذا كل شخص يقف في وجه طاغية إنما يمشي في ركب الحُسين ولو صلّى واضعاً يديه على صدره ، وكل شخص يدافع عن طاغية يمشي في ركب قاتلي الحسين ولو صلى مسبلاً يديه على جنبه !

 

تستطيع في أي مكان في الدنيا أن تشق جبهتك وتسيل دمك وأنتَ تندب الحُسين ، لن يعترضك أحد ، مشكلتهم أن تفهم الدرس من استشهاد الحُسين ، أن تقف بوجه الطغاة كما وقف ، وتثور على الظلم كما ثار !  إن الاكتفاء بالبكاء على الحسين هذا ما يتمناه طغاة اليوم ! فالطّغاة على مرّ العصور لم يكن عندهم مشكلة مع الدين من حيث ما هو علاقة بين الفرد وربّه ، لا أحد عنده مشكلة مع المساجد والحسينيات والكنائس ما دام الدين حبيساً فيها ، مشكلتهم أن يخرج الدين إلى الحياة ، أن يثور الشيعيّ على الظلم كما فعل الحُسين ، ويُطالب السُّنيّ بحكم كحكم عُمر، ويُطالب المسيحي بالتورع عن استرقاق الشعوب الأخرى كما فعل المسيح !  ولئن كان الإمام الحسين رضي الله عنه وهو سيد شباب أهل الجنة قد قتل على يد أعدائه فإنه الآن يقتل على يد مَن يدعون أنهم أنصاره وأحبابه !!! فكم من عقيدة زائغة تُسيّر باسمه الطيب ! وكم من اعتقاد زائف يُروّج باسمه ، وكم من مال يُؤخذ ، وعرض يُنتهك ، وأموال تُنتهب ، ونفس تُقتل ، وعين تدمع ، وكذب يُروّج ، وعلم باطل يُنشر ، وحقائق تُطمَس ، وخرافات تدُخل في الرؤوس ، وأكاذيب تنشر على الملأ .. كل هذا باسم سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما ..

 

الحسين يقتل من جديد ولكنه اليوم على يد من يدعي أنه من أنصاره .

كل مسلم يقتل في العراق وسوريا وغيرها هو قتل للحسين  كل مسجد يحرقه او يهدمه او يغتصبه من يدعون انهم انصاره هو قتل للحسين 

الاموال التي ياخذونها بالباطل من ارزاق المسلمين باسم الدين هي قتل للحسين كل تشويه للاسلام باللطم والتطبير هو قتل للحسين .

 

ماذا لو كان الحسين حيّاً اليوم ؟! مع من كان سيقف في القضايا التي تدور اليوم  هل مع هذا التحريض والكذب والدجل ام مع الحق واهله 

إن عاشوراء مدرسة لاستخلاص العِبر، لا لتأجيج الأحقاد .

 

لعن الله من أمر بقتل الحسين، ومن نفّذ، ومن رضي !

 

ولكن لا يوجد أقبح من التوظيف السياسي للدم إلا التوظيف الطائفي !

التوظيف الطائفيّ لدم الحسين هو الذي أحدث شرخاً كبيراً، وأوقد ناراً مستعرة نكتوي بها جميعاً !

 

كلنّا أصحاب ثأر في الحسين

نثأر له عندما نمشي في دربه

 وعندما نموت كما مات، ثابتاً راسخاً في وجه الطغاة، دفع دمه ليخلعهم لا ليُثبّتهم !

تعليقات

أحدث أقدم