طقوس تقديم الهدية (2-2) :

مشاهدات



عائشة سلطان

 


يستغرب البعض من العناية والاهتمام الكبير الذي يظهره الناس بشكل الهدية ، وتغليفها ، بل إنهم لا يجدون تفسيراً للمبالغة في تزيين الهدية وأخذها لمحلات  متخصصة  في التغليف والترتيب . يعتقد هؤلاء بأن المهم أن تصل الهدية لصاحبها وأن تعجبه ، وما عدا ذلك لا معنى له، إنه مجرد تبذير وإضاعة وقت ، والحقيقة أن الأهم ليس أن تصل الهدية ولكن في الشكل الذي تصل به ، فهذا الشكل الجميل والأنيق هو الرسالة العميقة والمباشرة التي عبر بها الشخص عن مدى حرصه واهتمامه .

 

إن الفكرة هي الأهم ، والفكرة من تغليف الهدية هي إضفاء الخصوصية والتعبير عن الاهتمام ، بحيث لا تعود الهدية مجرد شيء معروض للجميع ، إنه يتحول بالتغليف إلى فكرة ورسالة ومعانٍ إنسانية تختبئ فيما وراء ورق التغليف والأشرطة والرسالة القصيرة المرفقة والكيس الأنيق ، الفكرة هي أننا نقدم أنفسنا وطريقتنا في إظهار المحبة . وللدلالة على الأهمية القصوى لفكرة التغليف ، فقد أعلن أصحاب صناعة أوراق ومعدات التغليف أن مبيعاتهم تجاوزت 9 مليارات دولار سنوياً ، وأنه في الولايات المتحدة وحدها يرمي الناس نحو 4 ملايين طن من ورق التغليف وأكياس الهدايا في كل موسم من مواسم العطلات والأعياد، وهو وزن لا يمكن تخيله فعلاً !

 

لقد عرف الأوروبيون التغليف منذ العصر الفيكتوري ، وما إن جاء عام 1917 حتى بدأت تظهر أوراق مزخرفة لتبطين أظرف الهدايا في أحد المتاجر الأمريكية في كنساس سيتي بولاية ميسوري ، وهي الأوراق التي ستكون نواة ورق التغليف الذي سيتخصص ببيعها هذا المتجر في كل العالم والمعروف باسم هولمارك ! فمن منا لم يشترِ بطاقة أو لفة تغليف أو هدية من هذا المتجر الأنيق ؟ أثناء إعدادي لهذا المقال تعرفت على عالم التغليف وحصرت آلاف المواقع الإلكترونية ، والمدارس والمعاهد حول العالم مهمتها تعليم مهارات إعداد الهدية وتغليفها، كما عثرت على آلاف المصانع والشركات التي تصنع وتبيع معدات تغليف الهدايا، وآلاف المحلات والأكشاك التي تقدم خدمات التغليف لمن لا يجيده. إنه عالم كبير مهمته بلورة فكرة الاهتمام والعناية بالهدية حتى تؤدي مهمتها بأجمل شكل .

تعليقات

أحدث أقدم