د. ناجي صبري الحديثي

مشاهدات



صباح الزهيري


ناجي صبري الحديثي الأستاذ الدكتور الوزير الدبلوماسي المترجم الإعلامي الصحفي الأكاديمي , التقيته عام 1987 سافرنا سوية لمدة أسبوع  لحضور مؤتمر وزراء أعلام الدول الأسلامية  في  داكار بالسنغال وفي الطريق أستضافنا وزير الشؤون الأسلامية المغربي , لمدة يومين , كان د. ناجي وقتها يشغل أدارة دار المأمون للترجمة والنشر , والتي أتحفتنا بمئات القصص والروايات والمسرحيات المترجمة من مختلف لغات العالم الى العربية , حدثنا انه استحصل موافقة رئاسة الجمهورية على قيامه بسحب طلاب اللغات الأجنبية الأوائل وتعيينهم في دار المأمون وأستثنائهم من الخدمة العسكرية , والحقيقة تلك كانت خطوة تحسب له في خلق أعداد من المترجمين في شتى اللغات ,  كان يرتاح لأسئلتي التي كنت أطرحها عليه بخصوص الترجمة الفورية , وكنت أحب أجاباته المفعمه بالشرح والتوضيح مما خلق جوا من المودة بيننا في سهراتنا اليومية في كازا والرباط وداكار. 

 

وحين عدنا أعتدت على أستلام شحنة كتب أسبوعية من المطبوعات الجديدة للدار , كان يبعثها لي حيث عرف بأهتماماتي الأدبية وكنت حينها قاريء نهم لكل شيء مطبوع , أذكر ان جليسنا الثالث كان د. محسن الموسوي أستاذ الأدب الأنكليزي ورئيس تحرير مجلة آفاق عربية التي كانت تتبوأ موقعا متقدما في ساحة الفكر القومي العربي , وحين سألني د.محسن عما كنت أقرأ المجلة ورأيي  بها أجبته  بدون تردد , أنها تحت أدارته تحولت من كونها منبر قومي الى منبر بعثي , ويبدو انهما تقبلا أجابتي بأبتسامة خفيفة وأعجبا بجرأتي في الجواب.  وجدتهما يشعان وطنية وحب للعراق والبحث في كيفية بذلهما الجهود كل في مجاله لخدمته وأعلاء شأنه . عندما عمل د.ناجي في وزارة الأعلام  كنا نلتقي بوفود أجنبية حسب صدف ومستوجبات ظروف عملنا زمن الحصار ألا أننا لم نجد ذلك الوقت الفسيح للمراجعه والنقاش كما كانت عليه أماسي 1987. بعدها أصبح وزيرا للخارجية وهو منصب أستحقه بجدارة وجمعتني به عضويتي بعدة لجان كان هو رئيسها . حينها ابدي قدرات وكفاءة فذة في ادارة الوزارة واثناء السجالات المحتدمة التي شهدتها قاعات ومؤتمرات وأروقة  الأمم المتحدة والجامعة العربية والمحافل الأخرى في الفترة التي سبقت الغزو وخلاله .

 

وفي 2002 جمعنا وفد العراق الى فيينا الذي كان د. ناجي يرأسه بأعتباره وزيرا للخارجية في آخر لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ..... وشاهدت كيف كانت شعبيته لدى الرأي العام النمساوي محط الأنظار بشكل ملفت للأنتباه . شاهدت اللقاء الذي أجرته قناة الجزيرة مؤخّراً معه , وقارنت بين حديثه الرصين والهاديء المبني على المباديء والألتزام الوطني وأحاديث لوزراء القمقم والكونفوشيوسية والطائفية والعنصرية الذين لم يعلو في خطاباتهم  يوما للحديث الوطني . ناجي صبري الحديثي , الدمث الأخلاق والمتواضع تأدبا , والمتعالي براية وطنه ابن المجتمع العراقي الذي كان مضرب الأمثال في الإلفة والطيبة وكرم الأخلاق والطباع . يستحق منا كل ألأحترام . يقول المثل العربي ( ‬اذا طعنت من الخلف فاعلم انك في ‬المقدمة ) .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ لا تهتم سيادة الوزير لأنهم ليسوا رجال دولة ، ولا يعترفون بمفاهيمها ومؤسساتها ، ويتحسسون من المثقفين والمفكرين ، ويحقدون على أصحاب العقول الراجحة ، والآراء السديدة ، لذلك نراهم يتمسكون بالصغار، ويستهدفون الأخيار، ويطاردون الاحرار . ونقول كما قال  بيرتراند راسل يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة ، الأخطر أن ترى جهلها مقدساً , ما نمر به هو فصل من فصول الغزاة , لابد ان نطويه يوما كما طوينا غيره .سلاما د. ناجي .. سلاما على البشر الحقيقين الذين يخبرونا ان ثمة ضوءا خافتا في عتمة الحياة ويجعلوننا نحلم ان هذا الضوء سيصبح يوما ساطعا , وتصبح الأرض مكانا صالحا للحياة .

تعليقات

أحدث أقدم