د. حسن الزيدي
قد يكون العنوان غريبا .. لكن فيه بعضا من الصدقية علما بأن روسيا لم يكن لها حتى نهاية القرن التاسع عشر وجودا ثقافيا اواقتصاديا اوسياسيا في افريقيا لأنها تأسست على مراحل (امارة كييف روس ) عام 882 ثم (امارة فلاديميرسوزدال )عام 1169 ثم (دوقية روسيا )عام 1283وخضعت للمغول لمدة ثلاثة قرون امتدت بين 1480/ 1237م فلم تجد استقلالها وتوحدها الا عام 1547علي يدي ايفان الرهيب حكم بين 1584/1533ثم بدأت تتوسع جغرافيا حيث اخضعت دولتي اوكرانيا وبيلا روسيا وخاضت سبعة حروب منتصرة ضد بلاد فارس واحتلت كل المناطق التي كانت خاضعة لها في بحر قزوين مثلما انتصرت في سبعة عشرحربا ضد الدولة العثمانية واحتلت عام 1856جزيرة القرم وجورجيا وارمينا ومنغوليا وكذلك كل دول اسيا الوسطى (اذربيجان . تركمانستان . طاجكستان . اوزبكستان . وقيرقيزيا ) وبقيت في صراعات جغرافية مع الصين واليابان بين 1884-1885 انعقد مؤتمر برلين الثاني حيث كان الاول عام 1878 وحضرته 14 دولة هي كل من المانيا و(النمسا- هنغاريا) والمملكة المتحدة واسبانيا والبرتغال وفرنسا وايطاليا وبلجيكا وهولندا والدانيمارك و(السويد والنرويج ) والدولة العثمانية والولايات المتحدة وروسيا بهدف تقسيم النفوذ فيما بقي من قارة افريقيا لم يتم استعماره بعد حيث حصلت كل من المانيا وبلجيكا واسبانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وايطاليا والبرتغال والمانيا التي فقدت نفوذها في بعض مقاطعات افريقيا الجنوبية الشرقية بعيد نهاية الحرب العالمية الاولى لصالح كل من فرنسا والمملكة المتحدة علما بأنه لم يكن مستقلا في كل افريقيا غيرالحبشة- اثوبياا لحالية التي كانت عصية على الايطاليين و(ليبريا ) التي صنعتها الولايات المتحدة عام 1847من بعض الافارقة الاميركان الذين عادوا من الولايات المتحدة . في اثناء فترة الشيوعية بين 1990/1917انحصرنفوذ روسيا بالدرجة الاولى في دول اوكرانيا وبيلا روسيا ودول اسيا الوسطى (اذربيجان. طاجستان.تركمانستان اوزبكستان وقيرقيزية ودول اوربا الشرقية والشمالية (بولونيا. جيكوسلوفاكيا. هنغاريا.بلغاريا. رومانيا. وليتوانيا ليتونيا. استونيا اضافة الى جورجيا مسقط راس ستالين وارمينيا مسقط راس انستاس ميكويان عاش بين 1978/1895 اضافة الى الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليه الولايات المتحدة ودول اوربا الغربية وحلفائهم في قارات اميركا وافريقيا واسيا اثناء الحرب العالمية الثانية 1945/1939 التي ساهم بها ستالين بفاعلية بالتحالف مع تشرشل وروزفلت حصل الاتحاد السوفييتي لبعض الوقت اي حتى عام 1948على انفتاح الولايات المتحدة وبعض الدول الاوربية وحلفائها عليه فأقام علاقات دبلوماسية متواضعة مع بعض الدول التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني وخاصة العراق الذي استقل عام 1932 واقام علاقات قنصلية معه ولفترة محدودة وكذلك مصرالتي استقلت عام 1936 اضافة الى علاقاته مع افغانستان وايران
كما نشطت بعض الاحزاب الشيوعية في بعض دول افريقيا التي ظهرت فيها حركات تحريرضد بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وايطاليا التي كانت تهيمن على دول قارة افريقيا وصارت حركات التحررتستعين بالاتحاد السوفييتي وحلفائه في دعمها سياسيا وعسكريا فظهرالوجود السياسي الدبلوماسي السوفييتي بشكل بطئ في بعض دول قارة افريقيا ال 54-55 دوله مع تبادل بعض السلع وخاصة الاسلحة الروسية وبعض سياراتها .كانت مصر اول دولة تقيم عام 1954علاقات ليس فقط دبلوماسية بل ثقافية وعسكرية مع الاتحاد السوفياتي الذي نفذ مشروع السد العالي على نهر النيل وهو اكبرمشروع اقتصادي سوفييتي في افريقيا حتى الان . كما ان جمهورية السودان التي استقلت من مصرعام1954اقامت علاقات مع الاتحاد السوفييتي وتبعتها تونس والمغرب اللتان استقلتا عام 1956وجمهورية غانا التي استقلت عام 1957 والسنغال منذ عام 1960 والجزائر بعيد استقلالها عام 1962وتنزانيا منذ عام 1964واثيوبيا وسعت علاقاتها مع الاتحاد السوفييتي منذ عام 1974بعد الاطاحة بالامبراطورهيلاسيلاسي وليبيا منذ الانقلاب الجمهوري فيهاعام 1969وغينيا بيساو منذ عام 1973وارتيريا منذ عام 1991ودولة جنوب افريقيا منذ عام 1994بعد ان تم انتخاب نلسون مندلا رئيسا للجمهورية واكثرالسلع السوفييتية المتبادلة مع الدول الافريقية هي الاسلحة وبعض المعدات والحبوب وبعض الشركات في التنقيب على المعادن لقاء زمالات طلابية وبضائع افريقية خام (ذهب . يورايونيوم . حديد . اقطان . جلود . وغيرها) كما ان السياسات الخاطئة التي تمارسها الحكومات الفرنسية وخاصة بعد ان استقال ديكول من الحياة السياسية في اب 1969 بعد حكم منذ كانون الثاني 1959 ليتوفى عام 1970عن 80 عاما حيث كان قد قرر من طرف واحد منح معظم المستعمرات الفرنسية في افريقيا استقلالاتها بما فيها الجزائر التي دخل مع ثوارها في مفاوضات افضت الى استقلالها في 1962.7.4 بعد حكم استعماري شامل دام 130عاما . علما بأن المستعمرات الفرنسية في افريقيا هي دول شمال افريقيا (الجزائر وتونس والمغرب) ودول في غرب افريقيا (داهومي.غينيا بساووموريتانيا والنيجروالسنغال وتوغو وغامبيا وبوركينا فاسو ((فولتا العليا سابقا)) وفي افريقيا الاستوائية ومنها تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى والكاميرون وجيبوتي والكونغو الفرنسية تمييزا لها عن الكونغو البلجيكة (زائير) .حيث ان الرؤساءالفرنسيين الذين تعاقبوا بعد بعد ديكول هم كل من الرئيس اليميني الوسط جورج بومبيدوحكم بين 1974/1969 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب التي يعتبرونها اقل عدوانية وان ملوكها معتدلين ولا يزالون يحتفظون بمئات ـ من اليهود المغاربة في اداراتهم العليا الرئيس اليميني الوسط فاليري جسكار دستان حكم بين 1981/1974استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب ودعم الرئيس التشادي العقيد حبري ضد القذافي الرئيس اللليبي عندما اختلفوا بين 1987 /1978على (مقاطعة اوزو الحدودية ) التي فيها منغنيز ويورانيوم والتي احتلتها تشاد وسمح لمجئ الاف العمال الافارقة للعمل في مشاريع البناء والطرق والجسوروالانفاق . الرئيس الأشتراكي فرانسوا متران بين 1995/1981 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب ودعم كل الحكام الرجعيين والمستغلين في افريقيا وساهم بأسقاط الرئيس التونسي بورقيبة اللبرالي لصالح العقيد الشرطوي زين العابدين ابن علي . الرئيس اليميني الوسط جاك شيراك بين 2007/ 1995 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب وضيق على هجرة الافارقة في بلاده وقال ان لهم ريحة كريهة الرئيس اليميني الصهيوني نيكولاي ساركوزي بين2012/2007 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب وساهم بمقتل القذافي بعد ان قبض منه ملايين من الدولارات كما اشارت لذلك احدى المحاكم التي حكمت عليه بالسجن سنتين على ان يلبس حلقة في احدى قدميه لمراقبة تحركاته . الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند بين 2017/ 2012 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب وقرر في 2013.1.11 ارسال حوالي ستة الاف جندي فرنسي مع احدث التقنيات الى جمهوريات مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وجمهورية افريقية الوسطى تحت ذريعة محاربة الارهاب الاسلامي الذي هو نفسه شجعه في سوريا لمحاربة حافظ الاسد وصارت القوات الفرنسية تساند الانظمة وتسرق ثروات اوطانها (من ذهب ويورانيوم ومنغنيز واخشاب وبترول واقطان وجلود )وطالب الدول الاوربية المساهمة بوجودها حتى لا تتهم فرنسا بانها تنفرد وحدها في مستعمراتها السابقة فدعمته تقنيا كل من ايطاليا وهولندا وبلجيكا والمانيا واسبانيا وحتى المملكة المتحدة وبولونيا وتصاعد الغضب الشعبي ضدها حيث تم مقتل 53 جنديا وضابطا فرنسيا . الرئيس اليميني الوسط إمانويل ماكرون يحكم منذ عام 2017 استمر بمحاصرة الجزائر لصالح المغرب ولم يسحب قوات بلاده بل حاول ان يعيد تموضعها مع استمرار الشركات الفرنسية ومعها بشكل غير مباشر شركات اسرائيلة تسرق ثروات هذه البلدان ومنها جمهورية مالي التي حصل فيها في مايس 2021 انقلاب عسكري قاده العقيد الركن (اسيمي غويتا) الذي قررفي 2022.1.31 طرد (جوئيل مايير) السفير الفرنسي خلال 72 ساعة فيما صرح وزير الخارجية الفرنسي ايف لورديان باننا سنستمر نقاتل (الاسلاميين الارهابيين ) في مناطق اخرى من افريقيا مما يعني عدم رغبة فرنسا لسحب قواتها من مستعمراتها السابقة في 2023.7.28 .
حصل انقلاب عسكري في النيجر ضد الوجود العسكري الفرنسي وقرر الرئيس ماكرون فرض عقوبات على دولتي مالي والنيجر وطالب دول الاتحاد الاوربي ان تفرض عليهما عقوبات مماثلة فأستجابت له معظم دول الاتحاد الاوربي مع تأييد من الرئيس الاميركي بايدن لطلب فرنسا . وفيما يتعلق بالرئيس الروسي بوتين الذي يحكم عمليا في روسيا منذ منذ عام 2008 فأنه ادان القادة السوفييت الذين قال بانهم اهانوا التراث الروسي ويقصد تحجيم الكنيسة القبطية وفرطوا في الارض الروسية ويقصد جزيرة القرم فقرر 2014.2.27 وبدعم من بيلا روسيا وكوريا الشمالية وايران وسوريا وكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا ودولة جنوب افريقيا والصين الشعبية استعمال القوة واسترجع من جمهورية اوكرانيا (مقاطعة جزر القرم) التي وهبها لها الرئيس الروسي خروشوف الاوكراني الاصل عام 1954علما بأنها كانت تابعة للدولة العثمانية حتى عام 1856 فأحتجت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوربي واسرائيل وكندا واستراليا والهند واليابان على قرارالرئيس بوتين الذي حصل في عهد الرئيس الاوكراني الكسندر تورتشينوف الذي حكم بين 2010و 2014 وخلفه الرئيس بترو بوروشنكو بين 2014 /2019 وقبل ان يتم وبصورة غامضة انتخاب الممثل الكوميدي (اليهودي-الصهيوني فلاديمير زيلينسكي )منذ عام 2019 وصار يعلن عن رغبته لاعادة مقاطعة جزيرة القرم مستعينا بدعم الرئيس الاميركي بايدن وبوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية بعد خروجها من منظمة الاتحاد الاوربي وبدول الاتحاد الاوربي ال 27 وكندا واستراليا ونيوزيلاندا واليابان والهند الذين فرضوا حصارا اقتصاديا ورياضيا وثقافيا على روسيا (فأضطر) بوتين ان ينفتح على بعض دول قارة افريقيا التي تحتاج للحنطة الروسية وخاصة مصر والصومال وتشاد ومالي والنيجر وغينيا- بيساو واثيوبيا والصومال وبينين حيث ارسل قواتا روسية رمزية الى جمهورية مالي تمركزت في مقر القوات الفرنسية وكذلك الى النيجر وهي (ميليشيات فاغنر الروسية) شكلها بوتين عام 2015 من عسكريين متقاعدين وعاطلين عن العمل لتقاتل اولا في اوكرانيا ثم نتشرها في سوريا وليبيا وفي جمهورية افريقيا الوسطى وكذلك في مالي . في عام 2019 استطاع بوتين ان يجمع حوله في موسكو 43 رئيس دولة وحكومة من دول افريقيا ال 55 ومعظمها تحتاج للحبوب الروسية والاوكرانية التي منها الصومال وبنين اللتان تعتمدان على الحبوب الروسية والاوكرانية بنسبة 100% ومصربنسبة 80% والسودان بنسبة 75% والكونغو الديمقراطية بنسبة70% والسنغال بنسبة 66% ودول اخرى بنسب اقل ووعدهم بضمان توفير الحبوب لهم مع معدات زراعية وعسكرية وفي 2022.2.24 قرر الرئيس بوتين ان يقوم بعملية عسكرية استباقية لمنع محاولات الرئيس الاوكراني بالانضمام للاتحاد الاوربي ولحلف الاطلسي بأحتلال المقاطعات الحدودية مع بلاده في اوكرانيا التي تتلقى دعما ماليا وعسكريا ومرتزقة من الولايات المتحدة ومن معظم دول الاتحاد الاوربي واسرائيل ولا زالت الحرب مستمرة ومدمرة لانها تستعمل احدث التكنولوجيا وقد تتحول الى حرب نووية فصار بوتين مضطرا ان يبحث عن حلفاء خارج اوربا فوجد في بعض دول افريقيا ضالته لأنها مستعمرات فرنسية وبريطانية وبلجيكية وايطالية سابقة ولا زالت تعاني من النفوذ الثقافي والاقتصادي والعسكري الفرنسي خاصة كما اشرنا . وفي 2023.7.28 استقبل الرئيس بوتين من جديد في روسيا 30 رئيسا ورئيس دولة من دول افريقيا وخاصة مصر وجنوب افريقيا واثوبيا وتشاد والنيجر وارتيريا وجمهورية افريقيا الوسطى وزمبابوي ومالي والصومال ووعدهم جمبعا بتوفيرحاجتهم من الحبوب بمعدل 30-50 الف طن لكل منهم حسب اعداد سكان كل منهم . كما قرراطفاء 20 مليار دولار من الديون الروسية في ذمة دول افريقية .اي ان بوتين يمارس هو ايضا الحرب الاقتصادية بالتقرب من بعض دول افريقيا ضد فرنسا وبريطانيا وايطاليا واسرائيل والولايات المتحدة والتي تعتبر قارة افريقيا بشواطئها المتوسطية والاطلسية وبمعادنها وخشبها وجلودها واقطانها حدائقها الخلفية علما بأن الصين الشعبية سبقت روسيا في انشطة اقتصادية في افريقيا خاصة بعيد وفاة ماوتسي تونغ عام 1976 وتضاعفت في عهد الرئيس الصيني الحالي (جي مينك) حيث صارت البضائع الصينية البسيطة والرخيصة توجد في كل بيت افريقي وانتشرت المشاريع الصينية في البناء والموانئ والتنقيب عن المعادن في عشرات الدول الافريقية في كل الحالات فانه من المؤسف حقا هو ان دول قارة افريقيا لا زالت في اغلبها ضعيفة تقنيا وديمقراطيا وتنتشر فيها البطالة والامية وتكثر منها الهجرة وتهيمن الثقافتين الانكليزية والفرنسية على معظم دولها فلن تخرج بسهولة وبسرعة من نفوذ فرنسي- بريطاني جشع وظالم لتكون بين يدي نظامين صيني وروسي اكثر جشعا وظلما .
إرسال تعليق