صباح الزهيري
(من كتاباتي القديمة نشرتها في نشرة الحائط لكلية القانون والسياسة 1974).
نص 1 :
عام 1995 كان مكلفا بمهمة في نيويورك لحضور اجتماعات الدورة الخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة , عندما عرف بمرض زوجته, ولما كانت الأتصالات زمن التسعينات ليست كما هي هذه الأيام , بعث لها رسالة مع زميل عائد قال لها فيها :
الزمن عدو النساء , أما أنت فالزمن صديقك , لم تصبحي أكبر عمرا , أصبحت أكثر قيمة , أنت كالآثار , كالنقود التاريخية , كالطوابع القديمة , كالعطر المعتق , كلما مر عليها الزمن صارت أغلى . الصباح توقظينه كل يوم ليصلي حاضرا معك....ترى أما زال النمل في بيتنا يتبع خطواتك يا سكر ؟.......
نص 2. المقهور :
كنت على بعد خطوة من ادراك العلاقة بين مرارة القهوة والحياة حين شخصت مصدر كآبتي المزمنه.
أنه القهر الذي يمنعني أنا أبن المرحلة من التعبير عنها والخدمة فيها , وبسبب تكرار نقاشي مع المونولوج الداخلي.....أذ يكون قهرك تحت الشعار الذي حاربت أنت أولا لترفعه وثانيا لتحققه , ولتحافظ عليه : أنت مقهور في مرحلة القهر , ثم أنت مقهور في مرحلة شعار (( قهر القهر )) لأن المرحلة تحولت الى قهر القهر بالقهر , وتنفيذ العملية بالقصر والعميان والأنذال وتفتح عينيك لتجد أنك مازلت أنت المقهور في المحصلة النهائية , والقاهر هو الوجه العتيق القديم. ( جامعة بغداد 1974).
نص 3. آخر الدنيا :
هناك مقهى لازال عالقا في ذهني ....عام 1980 صدر امر نقلي من كوريا الشمالية الى موزمبيق وللألتحاق كان لابد أن أذهب الى لشبونه وأبقى فيها يومان لأطير الى مابوتو عاصمة موزمبيق ...دعاني احد الأصدقاء من العاملين في سفارتنا هناك الى مقهى رائع على ساحل الأطلسي...عند أخذ طلباتنا جائنا النادل بأوراق صغيرة وطلب كتابة اسم كل منا واسم بلده على كل ورقه...كان كل مافي المقهى أثريا ويضم دفات مراكب ومدافع قديمة وصور لقراصنة ومشاهير من الزمن الماضي ...وبعد قضاء وقتا ممتعا وعند المغادرة سلموا كل منا شهادة تشبه وثيقة التخرج ومكتوبة باللغة الأنجليزية بأحرف لاتينية جميلة مامفاده (( نشهد نحن عمدة لشبونة ان السيد فلان بن فلان من العراق قد وصل الى نهاية الدنيا )) ...شرح لنا صاحب المقهى ان ذلك التقليد لديهم يدل على قدم المكان أي قبل اكتشاف أميركا حيث كان الأطلسي يسمى بحرالظلمات.
نص 4.
في ذكرى خالي العزيز, ذلك الرجل الأمي الذي تهجيت الحياة على يديه .... الذي لم يعلمني حرفا واحدا بل علمني حروفي كلها .
ثم قال لي : لايليق بأحد أن يكون عبدا لأحد فكن حرا حتى الحرف الأخير في كتاب العمر . وأضاف مالايدخل العقل لاتشتريه .
ذكراك...
كالضوء تجيء, تتسلل خفيه من شق الباب
كالحب تجيء, تتسلل خفيه من شق القلب
ارفع اليك مع الأمنيات التي لاتموت عربون عرفان ومحبة ووفاء وتقدير .
ماجدة ...
اليوم ذهبت ماجدة اختنا الصغيرة الى المدرسة .. البسناها أجمل ثيابها.. واشترينا لها حقيبة صغيرة .. وضعنا فيها عروستها الصغيرة التي تحبها وقلما احمر .. وبضعة اوراق... وفي الطريق سألتها الصبيات الجميلات ...
- الى اين يامجودة ...؟
- للمدرثه...
تلثغ بالسين فيتحول الصبح في فمها الى دعابة .. وتركض في النسائم خفة غريبة .
إرسال تعليق