بقلم : سعد أحمد الكبيسي
في كل عام تقول لنا الحكومة ، إن هذا الصيف يختلف عن الذي قبله، وتُخرجُ لنا كل كذاب أشر، ليُلقي علينا خطبته النارية ، ووعوده الكاذبة . ويأتي الصيف، وتعود الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه في الصيف الذي قبله، وهي تسير بخطوات متسارعة إلى الخلف محولةً حياةَ الناس إلى جحيم قاتل .
فهؤلاءِ أكذبُ من عُرقوب.
وعُرقوب رجلٌ من العماليق كان عنده نخل فأتاه شقيقه يسأله صدقة ،
فقال له عرقوب : إن أطلقتْ هذه النّخلة فكلْ طلعَها ، فلمّا أطلقتْ أتاه بحسب الموعد .
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير بلحًا، فلما أبلحتْ أتاه في الموعد،
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير زهوًا، فلما زهتْ أتاه في الموعد ،
فقال له عرقوب : دعها حتى تصيرَ تمرًا، فلما أتمرتْ عمد إليها عرقوب في الليل، وقطعها، ولم يُعطِ السائل شيئًا .
فصار عند العرب مثلا . فإخلاف الوعد خلق قبيح ، ويكون أشد قبحًا بين الأشقاء .
ويبدو لي أن بعض الأشياء لا تتغير على ظهر هذا الكوكب، فالملاحظ والمُعاش اليوم أن إخلاف الوعود صار شعارًا للحكومة ، والشعب لا يزال يصفق وبحرارة لنصرة المذهب ، أو المكون ، أو العرق بالرغم من العيش المهين الذي هو فيه ، والفقر والتجويع ، والتلاعب بأرزاقنا ، وأمننا، وأماننا، وراحتنا من دون مقاومة ، أو حتى احتجاج . ومن المسرحيات التي تمثل علينا كل يوم، إعلان العشرات من المشاريع، والخطط (الكاذبة) في الكهرباء، وغيرها، مشاريع وقِّعت، وتوقَّع ، وأُعلِنت، ثم تتبخر، وتتلاشى كأنها لم تكن. مشاريع، وإجراءات ، ووعود توقَّع، وتعلن ثم تذهب أدراج الرياح ، من غير اعتراف ، أو اعتذار، أو توضيح لمصيرها . وعلاوة على هذا، وذاك، يتواصل هذا النهج الشاذ والمختل من دون توقف، أو رادع، ومن غير خجل، أو حياء .
يا حكومة العراق:
لو لم يأتِ في خلف الوعد سوى أنه إحدى آيات المنافق لكفى ، ومن كان فيه إخلاف الوعد كانت فيه آية من النفاق حتى يدعها .
وقد قالت العرب : وعد الحر دين،
وقالت أيضًا : الحر إذا وعد وفى،
لأنهم كانوا يؤمنون بأن الفارق بين الحر، والعبد ليس لون البشرة ، وإنما لون الأخلاق ، فلا تكونوا أحرارًا بهيئتكم ، عبيدًا بأخلاقكم .
قليل من الصدق مع قليل من الحياء ، لا رحمكم الله .
إرسال تعليق