ماذا تريد واشنطن من الصفقة الجديدة مع طهران ؟

مشاهدات



ماريا معلوف 

متخصصة بالسياسات الأميركية وشؤون الشرق الأوسط
 


ساعة بعد ساعة تتكشف تفاصيل كثير من البنود لم تخرج للإعلام ساعة أعلن عن تفاصيل صفقة جديدة بين إيران والإدارة الأميركية تتعلق برفع القيود عن أموال في البنوك الأميركية وتبادل سجناء بين الطرفين . لكن الحقيقة أن الصفقة أبعد من هاتين النقطتين .. حيث يتردد هنا في واشنطن -وقد تأكد ذلك خلال الساعات الماضية عبر صحيفة وول ستريت جورنال- أن إيران تخلصت يوم السبت الماضي من كميات اليورانيوم المخصب بنسبة 60% فيما يبدو أنه جزء من تلك الصفقة المذكورة لم يتم التطرق له في العلن .. وهو أمر ولا شك سيعيد الحديث عن المفاوضات النووية بين دول الغرب وأميركا وإيران . لوعدنا بالذاكرة قليلا إلى شهر مارس الماضي سنجد أن وزير الخارجية الإيرانية كان قد استعجل ذكر نتائج المفاوضات وقتها بين إيران والولايات المتحدة عبر زعمه الاتفاق على تبادل سجناء وهو الذي نفته الولايات المتحدة وقتها حيث يبدو أن هناك نقاط أخرى لم يكن قد تم الاتفاق عليها وكانت الولايات المتحدة تريد فيما يبدو (اتفاقا متكاملا) يكبح جماح إيران في كثير من الملفات ومنها خفض التصعيد في المنطقة . على مدى الأيام الأربعة الماضية التقيت العديد من الساسة الاميركيين لاستمزاج آراءهم حول هذه الصفقة التي أزعجت الكثيرين وأراحت الكثيرين أيضا وبعد قراءة معمقة يمكنني أن أقول ما يلي :

أولا : لقد نجحت الولايات المتحدة في التقليل من جدوى الإفراج عن عدد من مليارات إيران في البنوك الأميركية وبنوك مرتبطة بالولايات المتحدة حيث أن المدى الزمني للإفراج عن تلك الأموال لم يحدد وهي دون شك ستستغرق عملية تحويلها زمنا ليس بالقصير فبعضها مجمد في كوريا الجنوبية وقد أعلنت إيران أنها لا ترغب بالحصول على تلك الأموال المجمدة بالعملة الكورية وبالتالي ستتحرك الأموال ببطء عبر الدول الثلاث (كوريا وقطر وسويسرا) ناهيك عن إمكانية اصطدامها بالعقوبات الأميركية على هذه الدولة أو تلك .. ومن نافلة القول إن هذا الاتفاق اشترط صرف تلك المليارات على الأدوية والسلع الغذائية .

ثانيا: لن يحدث أي تخفيف للعقوبات المفروضة على إيران مع الاعتراف أنها قد حققت نجاحا وانتصارا عبر حصولها على هذه المليارات وبالتالي فهي قد تستفيد لحظيا من تلك الأموال في حل مشاكل غذائية وصحية يعاني منها شعبها ليس أكثر.

ثالثا:
تبدو الولايات المتحدة في كل الأحوال على حذر (مستقبلي) من احتمالية قيام إيران ببعض النشاطات العسكرية في المنطقة لذلك استبقت الإعلان عن هذا الاتفاق بإرسال 3 آلاف جندي وقطع بحرية للخليج .

 

وهنا لابد من الإشارة إلى أنه في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج يكثر الاستغراب من المواقف الأميركية المحتملة لكثير من الاحتمالات تجاه إيران ويبقى هذا الاستغراب مطروحا ومشروعا.. فمن طرح الحل السلمي تجاه إيران وتهديد برنامجها النووي ومن صرف الأموال المجمدة لها وتكرار تهديدها لدول الخليج تجد دول الشرق الأوسط نفسها في استغراب من المواقف الأميركية تجاه إيران لكن الولايات المتحدة ترد بأن الموقف الخليجي من المصالحة والانفتاح على إيران يسير في نفس هذا النهج الأميركي . في تقديري الشخصي فإن الولايات المتحدة ترى أن اية اضطرابات في الخليج ستشغلها عن الحرب الروسية الأوكرانية فهي تدعم أوكرانيا التي هي اليوم قد باتت في مواجهة شبه متكافئة مع روسيا . قد يمكن القول إن ما تريده حكومة بايدن تجاه إيران انتقده كثير من الجمهوريين خشية أن تدفع تلك المليارات إلى فصائل مسلحة في العراق واليمن لكن بالمقابل وفي خلاصة سمعتها هنا بالقرب من الكابيتول في واشنطن يمكن القول أيضا إن الولايات المتحدة لا تعتبر ما حصل اتفاقا بل هو تفاهم ضمن مجموعة من تفاهمات مستقبلية مع النظام الإيراني عبر استراتيجية تخص الديمقراطيين دون غيرهم . ومهما طال زمن تلك التفاهمات الأميركية الإيرانية فإن عامل (فقدان الثقة) سيبقى مسيطرا على كثير من التعاملات بين البلدين وستبقى هذه الاتفاقيات بمثابة من (التهدئة) في انتظار انتخابات أميركية مقبلة لاشك أن مواجهة (النشاطات الإيرانية وخصوصا النووية منها) ستكون في سلم أولويات كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري .
 

تعليقات

أحدث أقدم