في ظلال المحاريب

مشاهدات



سعد أحمد الكبيسي


جاء في كتاب "ترتيب المدارك" للفقيه المالكي القاضي عياض : قال أبو بكر الأبهريّ : دخلتُ مسجد طرطوس، وجلستُ عند ساريةٍ من سواريه، فجاءني رجلٌ فقال لي : إن كنتَ تقرأ فهذه حلقة قرآن، وإن كنتَ مُقرئاً فاجلِسْ يُقرأُ عليكَ، وإن كنتَ متفقهاً فهذه مجالس الفقه قُمْ إليها، وإن كنتَ فقيهاً فاجعلْ لنفسكَ حلقةً وعلِّمْ الناس، فلا أحد يجلسُ في مسجدنا دون شُغل!! هكذا كانت المساجد، مدارس في ظلال المحاريب، وكُليَّات تحت جلال المنابر، وجامعات تحت هيبة القباب من المسجد، الذي لم يكن فيه ضوء في المدينة المنورة أخرج النور إلى العالم، ومن تلك الحلقات خرج الفاتحون وهزموا الإمبراطوريات؛ وها هي تُعيد أمجادها وفيها جيلٌ يتحضر للملاحم القادمة .

 

إخواني وأخواتي الأعزّاء : 

لأنّ الشارع لا يربي، والإنترنت لا يرحم؛ ومن أجلِ مستقبلٍ واعد وجيل رباني يحمل همّ أمته ، شجعوا أولادكم على الاستمرار في دورات القرآن في المساجد؛ فسَلِّم أبنائك للمسجد، وخُذهم رجالاً.

قال تعالى : 

 

﴿ثُمَّ أَورَثنَا الكِتابَ الَّذينَ اصطَفَينا مِن عِبادِنا﴾ 


وأنتم أيها القائمون على دورات تحفيظ القران الكريم الصيفية؛ وأنتم تختمون دوراتكم :  بارك الله فيكم وجزاكم كل خير، إن هذا الدين ثُغور شتى، فلينظر كل واحدٍ منا على أي ثغرٍ جعله الله مُستخلفاً فيه، وليحفظه جيداً، وليسده بلحمه ودمه، فهذا هو سبيله إلى الجنة . ولا يقل أحدٌ وما سيفعل هؤلاء للإسلام والمعركة شرسة عليه!! رحمكَ الله، وهل جنود الإسلام في الغد إلا هؤلاء الصبية الصغار الذين هم بين يديكَ اليوم؟!

 

رُئيَ الخليل بن أحمد الفراهيدي في المنام بعد موته ، فقيل له : ما فعلَ اللهُ بكَ؟! فقال : غفرَ لي بعجوزٍ علمتها الفاتحة!! وانت تعلّم عشرات الأطفال الكثير من كتاب الله وليست الفاتحة فقط ؛

 

جزاكم الله عنى كل خير.

"إِنَّهُمۡ فِتۡیَةٌ ءَامَنُوا۟ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَـٰهُمۡ هُدىً"


تعليقات

أحدث أقدم