سعد أحمد الكبيسي
لم تشهد الانتخابات السابقة التي جرت في العراق استقطابا عشائرياً كما ستشهده انتخابات مجالس المحافظات القادمة ، والتي بدأت ملامحها تظهر الان من خلال المؤتمرات واللقاءات والحوارات وما نسمعه من هنا وهناك ، وهذا إن دل على شيء إنّما يدل على خلل واضح في منسوب الوطنية والولاء للوطن ، لأن الإنتخابات وإعطاء الصوت أمانة شرعية ووطنية وإنسانية ، فهي شهادة يؤديها المواطن تجاه المرشح . والتصويت لشخص ما لمنصب أو جائزة يعتبر شهادة وتزكية من المصوت لمن صوت له ، وهو مسؤول أمام الله عن تلك الشهادة ، فيتعين أن لا يعطي صوته إلا لمن علم أنه هو الأصلح والأكثر كفاءة . وأما إن صوّت لمن لا يصلح لأنه يعرفه صديقه أو أقاربه أو جيرانه أو طلب منه أو نحو ذلك ، فإنه يعتبر من الكذب والخيانة وشهادة الزور .
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ) [الفرقان : 72 ]، وقال سبحانه: (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) [البقرة : 283].
وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟" ثلاثًا قالوا : بلى يا رسول الله . قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين"، وكان متكئًا فجلس وقال : "ألا وقول الزور، ألا وقول الزور" وظل يكررها حتى قلنا ليته سكت . أخرجه البخاري . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور أو العمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). إذن فقد حرم الله عزَّ وجلَّ شهادة الزور؛ لكونها سببًا لإبطال الحق، وحرم كتمانها لكونه سببًا أيضًا لضياع الحقوق .
فيا أخي الناخب صوتك أمانة فلا تمنحه الا لمن ترتجي منه أن يؤدي هذه الأمانة، ودع عنك العشائرية والمحسوبية، ولا يأخذك النسب والقرابة والطمع فالنّاسُ بقلوبهم لا بجيوبهم، وبأخلاقهم لا بملابسهم، بأيِّ طريق يمشون في الحياة لا من أي صُلب أتوا!! ولو انتفع أحد بنسبٍ لانتفع به أبو لهب الهاشمي، ولو تضرر أحد بنسب لتضررَ به بلال بن رباح وقد كان عبداً مملوكًا .
إرسال تعليق