الفريق الركن صباح نوري العجيلي
( احد قادة الجيش العراقي في العهد الوطني)
بسم الله الرحمن الرحيم
{ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ }
صدق الله العظيم
طوفان الأقصى، عملية نوعية تعد نقطة تحول في مسار المقاومة الفلسطينية واكبر هجوم للمقاومة في صراعها مع الاحتلال الصهيوني ، أقدم احتلال عسكري وقوة غاشمة في التاريخ الحديث . حيث هاجمت المقاومة الباسلة فجر اليوم السبت السابع من كتوبر/ تشرين الاول وشملت تعرضاً برياً وجوياً وبحرياً وعملية تسلل المقاتلين الى اكثر من خمسين موقعا تضمن مستوطنات ومواقع عسكرية ومراكز شرطة في غلاف غزة، وبالتزامن مع اطلاق رشقات من الصواريخ بلغ عديدها 5000 صاروخ (قصف تمهيدي) خلال اول عشرين دقيقة من العملية . واعلن الجيش الاسرائيلي انه في (حالة حرب) وتحدث عن عملية مزدوجة قامت بها المقاومة تشمل اطلاق صواريخ وعملية تسلل الى عمق العدو، وقال وزير الدفاع الاسرائيلي يو أف غالانت (ان حماس تشن حربا على دولة اسرائيل) . اسفرت العملية ، الى حد كتابة هذه السطور ، عن مقتل مالا يقل عن 250 واصابة ، 1000 والاعلان عن اسر قائد المنطقة الجنوبية و 35عنصراً . واغلقت المطارات وسط "اسرائيل" وجنوبها ، وسيطر المقاومون على مستوطنات ومراكز شرطة في غلاف غزة . رد الفعل " الاسرائيلي " المتوقع هو قيام القوة الجوية الاسرائيلية بقصف اهداف مدنية وتدمير ابراج سكنية بغارات جوية ، وقد اطلق الجيش عملية عسكرية ضد قطاع غزة سماها (السيوف الحديدية) وبدأها بقصف جوي مكثف على القطاع . أطلقت المقاومة 150 صاروخ نحو تل ابيب ردا على قيام العدو بتدمير برج فلسطين وأبنية سكنية .
الدروس المستخلصة
{ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله}
طوفان الاقصى ، عملية هجومية جريئة مباغتة تحدى فيها رجال المقاومة الفلسطينية أعتى قوة غاشمة في المنطقة مسنودة من قوى امبريالية عالمية في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا. حققت العملية اهدافها من الناحية العسكرية وبلغت فصائل المقاومة الفلسطينية مستوى قتالياً ومعنوياً متقدماً يفتخر به ، ونستخلص من تلك العملية الدروس الأتية :
• انتخاب وتوخي الهدف ، حيث اعلنت المقاومة ان الهدف هو الدفاع عن المسجد الاقصى وتحرير الاسرى، ويحمل الاسم الذي اختارته المقاومة للعملية (طوفان الاقصى) دلالة على الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة للمسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية في القدس الشريف.
التخطيط الجيد للعملية في ضوء المعلومات الدقيقة . السرية والكتمان بالتخطيط وتهيئة الاستحضارات وحتى الشروع بالتنفيذ تحقيق المباغتة من حيث التوقيت واختيار يوم السبت للتنفيذ ، وهو يوم عطلة رسمية اسبوعية في اسرائيل، وكذلك في انتخاب اهداف الهجوم وتحقيق المباغتة في الاساليب وتنفيذ العملية المزدوجة وكتمان الاستحضارات . نجحت العملية في تحقيق عامل الصدمة لدى العدو الصهيوني ، وتسببت في الاخلال بتوازن قياداته وعناصره . فشل الاجهزة الامنية والاستخبارية الاسرائيلية في كشف توقيت واستحضارات العملية ومحاور الهجوم وتمكنت المقاومة من خداع وتضليل المصادر المحلية ووكالات العدو الاستخبارية . القيادة الجريئة التي تقود العملية ، وتميزها بالابداع والمرونة امام قيادات الاحتلال المحترفة . الجرأة والاندفاع في التنفيذ الناتج عن الايمان بالله تعالى وعدالة القضية والمعنويات العالية والتسابق لنيل الشهادة . مستوى التدريب الجيد الذي وصل اليه المقاتلون باستخدام الاسلحة والارض ، واساليب القتال المستخدمة ، واستخدام الطائرات الشراعية ، وتوجيه الضربات الصاروخية المكثفة على الاهداف المعادية . فشل مؤامرة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لحقوق الفلسطينيين أصحاب الارض والتاريخ والقضية ، في تثبيط القوة المعنوية عند ابناء فلسطين والامة العربية ، وايمانهم بحتمية استمرار الكفاح وعدالة القضية .
في الخاتمة ..
وعلى الرغم من العربدة الاسرائيلية المتوقعة وقصف الأهداف المدنية وقتل وتشريد المدنيين بالقوة الجوية فأن الموقف السياسي والعسكري في فلسطين المحتلة وفي عموم المنطقة سيكون مختلفاً تماماً عن المرحلة ما قبل تنفيذ هذه العملية، وعلى الدول الكبرى ان تغير مواقفها من القضية الفلسطينية وتساند الشعب العربي في فلسطين في نضاله من اجل تحرير ارضه واستعادة حقوقه المشروعة والمغتصبة ... وما ضاع حق وراءه مطالب .
إرسال تعليق