بقلم : سعد أحمد الكبيسي
خرجت ظهر اليوم إلى المقبرة لدفن شاب من أقاربي توفي بعد صراع مرير مع المرض ولسنين طويلة ، وعندما دخلت المقبرة هالني منظرها والهدوء الذي فيها ولسان حالها يقول لا أحد باقي إلا وجه الله . الموت باب وكل الناس داخله ، وقدر الله نافذ لا محالة ، وكل سبب نأخذ به لتأجيله ما هو إلا سبب بمشيئة الله لتحقيق قدر الله .
يقول غسان كنفاني : الموت لم يكن يوم قضية الأموات، وإنما قضية الأحياء" الأموات يحزمون حقائبهم يضعون فيها حسناتهم وسيئاتهم ويرحلون فحقائب المسافرين إلى الآخرة لا تتسع إلا لهذا.
﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾
هكذا وحدك، فرداً، بلا المال الذي جمعته ، ولا المنصب المرموق الذي شغلته، ولا العشيرة الكبيرة التي كنت تحتمي بها، أنتَ وأعمالك والله ! كل الجمال قد يصبح في ثانية من فتنة لأهل الأرض إلى طعام للديدان . المال كله الذي جمعه قد يصبح بثانية للورثة هم يتمتعون به ونحن نُسأل عنه وحدنا، فلننظر كيف نجمعه ولنتذكر أن الأكفان ليس لها جيوب المال الوحيد الذي نأخذه معنا هو ما كسبناه من حلال وأنفقناه في حلال . فإذا عزمتَ على التوبة ، فتُب فالموت يأتي دون استئذان .
الذي لا يصلي ماذا تنتظر
والتي لم تتحجب ماذا تنتظرين
الذي يغش بتجارته ماذا تنتظر؟
التي لا تصلي ماذا تنتظرين
الذي عق أبويه ماذا تنتظر؟
﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ سارعوا ، لأن الموتَ لا ينتظر! غداً أتوب، يأتي الغد، ولا ننفّذ شيئاً مما رويناه ! عالِجْ قضايا العالقة مع النَّاسِ قبل أن يرفعوا ملفَّ القضيةِ إلى اللهِ !
يا من أخذَ وظيفةً ليست له، تذكَّرْ أن الله قادر!
ويا من أسقط ساعات الآخرين ليتسلق صعوداً على ركامهم ، استعِد سيكون السقوط مريعاً !
ويا من أكل ميراث إخوته ، سمِّنْ لحماً من حرام للنار!
ويا من قذف عفيفةً في عرضها ، الأيام دُوَلٌ !
ويا من مشى بالسحر والشعوذة ، وأفسد حياة الناس، الحربُ سِجال!
واللهِ ، لو لقيَ العبدُ ربَّه بألفِ ذنبٍ بينه وبينه أهون ألف مرةٍ من أن يلقاه بذنبٍ واحدٍ بينه وبين الناس!
اللهم لكَ ما أعطيتَ ولكَ ما أخذتَ وكل شيء عنده بقدر اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وعاملنا برحمتك لا بعدلك وباحسانك لا بميزانك
إرسال تعليق