قضاء الأمس وقضاء اليوم

مشاهدات



موفق العاني

 

جاء في كتب التأريخ أن القاضي المنذر بن سعيد البلوطى الذي ولى القضاء بقرطبة أيام الخليفة عبد الرحمن الناصر، وكان مهيباً صلباً غير جبان ولا عاجز ولا مراقب لأحد من خلق الله في إستخراج حق ورفع ظلم ، إستعفي مراراً من القضاء فما أعفي ، ويروى أن الناصر أراد أن يبنى قصراً لإحدى نسائه وكان بجوار المكان دار صغيرة وحمام لأيتام تحت ولاية القاضي ، فطلب الناصر شراءه بإذن  القاضي ، ولما طلبوا منه بيعه ، قال القاضي لا يُباع إلا بإحدى ثلاث : 

 

حاجة الأيتام أو وهن البناء أو غبطة الثمن ، فأرسل الخليفة خبراء قدروهما بثمن لم يعجب القاضي ، فرفض بيعه ، وأظهر الخليفة العدول عنهما والزهد فيهما ، وقد خشي القاضي من أن يأخذهما  الخليفة جبراً ، فأمر بهدم الدار والحمام وباع الأنقاض بأكثر مما قدر الخبراء ، ولما علم الخليفة بذلك ، ذهب إلى المنذر في دار القضاء ولم يطلبه للحضور ، وقال له ما دعاك إلى ذلك ؟ قال أخذت بقول الله تعالى : ( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ) الكهف 79 ، لقد بعت الأنقاض بأكثر مما قدر خبراؤك للدار والحمام ، وبقيت الأرض للأيتام ، فالآن اشترها بما تراه لها من الثمن  .. قال الخليفة ، وأنا أولى أيها القاضي أن أنقاد إلى الحق وأنفذه فجزاك الله عنا وعن أمتك خير الجزاء … 

 

أما قضاء اليوم فإنه يقضي بإرادة رجل الدين أو المتنفذ ، أحترم رجل الدين مهما كان مذهبه ، ولكن لا أحترم القاضي الذي يجب أن يلتزم بالقضاء وفق القانون في دولة مدنية بعيداً عن أفكاره وهو حر خارج القضاء !!! والسؤال : ما علاقة مايسمى برئيس المحكمة الإتحادية بمرجع ديني من الأصل الباكستاني ؟؟؟؟؟؟ وهل القانون الوضعي بحاجة إلى رأي رجل الدين ؟؟؟؟؟!!!! وكيف يثق الصابئي العراقي واليزيدي والمسيحي والسني والشيعي الذي يقلد مرجعاً غير هذا المرجع بمثل هكذا قاضي ؟؟؟؟!!!!

 




تعليقات

أحدث أقدم