دبلوماسية الرعب

مشاهدات


 

ياسر عبد العزيز


ربما يكون الفراعنة بحضاراتهم هم أقدم شعوب العالم عرفت الدبلوماسية ، فبحسب المؤرخين فإن أقدم السجلات الدبلوماسية التي عرفها البشر هي تلك التي عثر عليها في تل العمارنة المكتوبة بين الأسرة المصرية الثامنة عشرة وحكام أمورو في كنعان خلال القرن الرابع عشر قبل الميلاد . وكما كشف المؤرخون عن معاهدات السلام بين دولتي المدن في بلاد الرافدين من لكش وأوما نحو عام 2100 قبل الميلاد، في واحدة من مهام الدبلوماسية التي سجلها التاريخ، وبعد معركة قادش عام 1274 قبل الميلاد خلال فترة الأسرة التاسعة عشرة ، أنشأ فرعون مصر وحاكم الإمبراطورية الحيثية واحدة من أولى معاهدات السلام الدولية المعروفة، التي نجت في أجزاء من الألواح الحجرية، تسمى الآن بشكل عام معاهدة السلام المصرية الحيثية، وهي بطبيعة الحال نتاج جهد دبلوماسي أفضى إلى إنهاء حرب أودت بأراوح الآلاف وتركت آثارها على اقتصاد البلدين . 

 

لكن الشاهد من كل هذه السردية أن الدبلوماسية دورها إنهاء حرب أو منع وقوعها، والشاهد الآخر أنها نشأت ومُرست في منطقتنا العربية المشتركة والحليف المقرب في سرايا القدس لم يعلموا بالعملية ولا توقيت تنفيذها وتفاجؤوا كما تفاجأ العالم ، لكنها ادعاءات يراد منها صناعة الذرائع لإرضاء غرور الصهيونية العالمية قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية ، وسحق المقاومة وما يردع التنفيذ حتى الآن ، هو صمود المقاومة وحاضنتها الشعبية والغضب الشعبي العربي والإسلامي المتنامي والغربي اللاحق به ، الذي لا يهتم ولا يصدق بدبلوماسية الرعب التي أسستها الإدارة الأمريكية بريطانيا التي كانت عظيمة وهو يخرج من طائرة شحن عسكرية محملة بالعدة والعتاد كمساعدة للاحتلال، نزلت في مطار بن جوريون، في رسالة رعب تضاف إلى كل رسائل التهديد، وجرائم الإبادة التي أرسلها الغرب لغزة وأهلها ومن يقف خلفهم . ولأن ياسر عرفات كان دوما يصرخ في وجه أعداء الامة بأن أهلنا في فلسطين هم سلالة شعب الجبارين، فإن تلك الدبلوماسية التي أسسها بلينكن ورئيسه ، لن ترهب لا الجبارين ولا من يقفون خلفهم ممن حملوا الإنسانية في قلوبهم ولا يرضون للظلم سبيلاً في هذا العالم ، لذا إن المقاومة ليست البندقية أو الصاروخ ليقضوا على المقاومة بمنعه ، فرفض الملايين في العالم لهذه المجازر وهذه العنجهية وغطرسة الاحتلال والانبطاح والالتفاف على قوانين العدالة الإنسانية خدمة لحفنة من الطامعين المتوحشين هو رصيد المقاومة ، ولن يوقف الرعب كل حر في مساندة الحق، بالكلمة أو بالفكرة أو بنصيحة، فمهندسو الري عليهم أن يفكروا لإيجاد وسيلة لري مزروعات الأرض المقاومة، ومهندسو المياه والعلوميين عليهم إيجاد حلول لهذا الشعب الأبي لتحلية المياه، وأما مهندسو البرمجيات فليساهموا في المعركة بما يستطيعون لإرباك العدو، والحقوقيون عليهم التحرك وملاحقة قيادات الاحتلال بجرائمهم، وكل ذي علم وخبرة عليه المشاركة في معركة الأمة ضد الغطرسة الغربية ودبلوماسية الرعب .




تعليقات

أحدث أقدم