ضرغام الدباغ
لست وحدي من الكتاب من يشكو هماً بات شائعاً، ومعروفاً، وهي علامة من علامات الانحطاط على أية حال، وأعني هنا تحديداً، تدهور أوضاع الكتاب المطبوع، قاد لتدهور في حقوق الكتاب، وبتنا نسمع بين الحين والآخر أخبارا مذهلة عن السرقات الفكرية (بأشكالها) ناهيك عن سرقات حقوق التأليف. فقد وقفت ذات يوم بالصدفة المطلقة، على إعلان لأحدى كتبي أعيد طبعه دون معرفتي، بعدة طبعات ويباع على الأنترنيت في كافة أرجاء العالم. وهذا الكتاب هو (حرب فوكلاند.. الأبعاد السياسية والاستراتيجية للصراع البريطاني الأرجنتيني حول جزر فوكلاند (المالوين). وقد صدر كطبعة أولى لأول مرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت ــ لندن ) عام 1985، وعلمت بالصدفة أيضاً، أن هذا الكتاب طبع أكثر من مرة في بغداد بطبعات فاقت ال 12 ألف نسخة، فيما كان العقد بيني وبين الناشر بحدود 5 ألاف نسخة فقط . والانترنيت على روعة مكاسبه ،إلا أنه أضر بالكتاب والمؤلفين، إذ علمت أيضاً أن عدداً من أعمالي (6 ــ 8 أعمال) تباع على الأنتريت، وهذه الأخبار تدهشني لأن الأستحواذ على الأعمال الفكرية قد أصبح أمرا مشاعاً وهيناً، لدرجة أن الأعمال والمؤلفات تباع علناً، فيما كانت تطبع وتوزع سراً في العقود الماضية (الستينات والسبعينات)، وقد حدثت مرات أن أمتلك بعض الكتاب، الوقت والمزاج على ملاحقة مزوري الكتب، وما أسهل أن تكتب على الغوغل (د. ضرغام الدباغ) حتى تجد كما كبيراً من أعمالي، في حين أن التزوير كان يتم في بيروت ببراعة يصعب (غالباً) تميزها عن الطبعات الأصلية، وكانت نتائج بعض الملاحقات مثمرة، إذ حصل أصحاب الكتب على حقوقهم كاملة أو منقوصة، فالأمر يعتمد على قوة الكاتب وعلاقاته ..!
لا أكترث كثيراً عن أنباء بيع كتبي بطريقة غير شرعية، وأنا أساساً أصدرت ونشرت كافة كتبي وأصدرتها وعددها 62 كتاب عن المركز العربي الألماني / برلين، ووزعتها مجاناً بمئات النسخ، وأعتقد أن توزيعها تواصل بعدد لا أستطيع أن أقدره، ويحدث أحياناً أن يكتب لي قارئ من في الوطن العربي أو من ألعالم، ويخبرني أنه حصل على نسخة من أعمالي إلى هنا والأمر (بالنسبة لي) مقبول، ولكن الأمر الغير محتمل هو " السرقة الفكرية " وهذه تتم على صور وأشكال مختلفة. فبعض الأحيان تسرق مصطلحات كنت أول من أستخدمها في مجال العلوم السياسية، ولكن بعض الأحيان وقد رصدت شخصياً 3 أو 5 مرات، سرقات فكرية يتم فيها تحوير بحث أو مقال بطريقة فنية، قد لا يلاحظها القراء العاديين، ولكن لا تخفى على الباحثين والمتابعين بدقة، وهؤلاء عددهم ليس كبيراً، ومن يقف منهم على السرقة الفكرية، يسكت عنها، وأعذرهم فلأمر في النهاية لا يستحق الشجار والمناكفة. وهنا لا يسعني القول لهؤلاء الكتاب المزورين، انتبهوا رجاء، فأعمالكم المغشوشة معروفة ويميزها المثقفون والمختصون، وفي هذه إساءة كبيرة لأشخاصكم. وهنا أريد التنويه لأصول الاقتباس ولأصناف السرقة الفكرية :
1- يحق لأي كاتب أن يقتبس، أو يستشهد بنص ولكن بشرط أن يضعه بين قوسين " ـــ " مع الإشارة، ولا سيما إذا كان الاقتباس منقول نصاً، وعلى درجة من العلمية.
2- لا أقصد من الإشارة للمصدر المعلومات البديهية أو من المعارف الأساسية.
3- يحق للكاتب أن يورد النص بما لا يتجاوز الخمسة سطور أو نحو ذلك على أن لا يزيد عن نصف صفحة.
4- يحق للكاتب (وإن كان ذلك غير مستحباً) أن يورد اقتباسان في صفحة واحدة، أي بنحو 10 ــ 10 سطراً (الصفحة الواحدة من حجم (A4) لا تزيد عن 32 سطراً، والسطر لا يتجاوز 13 ــ 15 كلمة وحجم الكلمة في طابعة الكومبيوتر من حجم (14).
5- يحق للكاتب أن يقتبس الفكرة من كتاب آخر، اقتباسا كمختصر ليس حرفيا ولكن مع الإشارة إليها بتعبير " أنظر إلى ......... " ويشير للكتاب والكاتب.
6- بعض محترفي السرقات الفكرية، ممن لديهم باعاً طويلاً في هذا المجال، شأنهم شأن أنصاف المثقفين، الذين يحفظون أسماء الكتب ومؤلفيها، وربما معلومات لا تتجاوز السطر أو السطرين، يتبجح بها ويتباهى أمام السذج، وإذا تورط يوماً وزاد في عيار الكلام بحضور مختصين، سيصادف موقفا محرجاً وإحراجاً شديداً.
7- محترفي السرقات، والأعمال الفكرية، وقد يلقون مساعدة ممن يماثلهم ...! يحاولون إضفاء الصفة الشرعية على اقتباساتهم (سرقاتهم) فيقلبونها رأساً على عقب، ويخلطون النصوص، ومع ذلك يكتشف القارئ الخبير والذكي، أن هذا البحث ليس أصيل، ومزور، أو مسروق.
8- محترفي السرقات معروفين في الأوساط الثقافية / العلمية، بضعف قدراتهم العلمية / الثقافية، وحين يتورطون بكتابة عمل ثقيل، يستبعد القراء أن يكون من إنتاجه، فيفضح نفسه بنفسه.
9- لا يقلل من قيمة البحث أن يسجل الكاتب مصادره، بل بالعكس يزيده قوة وأصالة.
10- على الصعيد الشخص رصدت عدداً ممن قاموا بسرقات فكرية مخجلة، ضربت صفحاً عنهم، ولكني أرجو أن لا يزيدون منها ....!
أهيب بكافة الباحثين أن يبحثوا باخلاص وأن يحاولوا تقديم أعمال تستحق التقدير والاحترام.
إرسال تعليق