محمود خالد المسافر
أن من سنة الحياة أن يموت الناس وتبقى الأمم والأوطان العظيمة. ومن السنن أن يدافع الناس عن أوطانهم ويموتون دونها. ولكن من أجمل الخصال أن يستذكر الناس اولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل أوطانهم ليكونوا قدوة لرجال ونساء من أمثالهم يتكررون بتعاقب الأجيال. ولذلك نستذكر اليوم ونحن مرفوعي الرأس رجالا سقطوا في ساحات الوغى يقاتلون أعداءً حاقدين ومجرمين . ولعلنا نشتاق إليهم، ولربما لا ننساهم ابدا، ومن هؤلاء صاحب الذكرى، الذي أعدمه أعداء الأمة في الثلاثين من ديسمبر من عام 2006، ولعل هذه الابيات لا تعبر عن وجداني أنا فحسب بل تعبر عن وجدان كل محبيه أو الذين يفتقدونه اليوم وسط الالم والمرارة التي يعيشها العراقيون والعرب .
حنيت الكم يا هلي .. وحنيت لصحابي
واتمنى طير وارد .. وارجع من غيابي
واسمع سوالف هلي.. ساعات يم بابي
محتاجكم يا هلي .. ما بي عينوني
لعل هذه الكلمات هي الابلغ لوصف حال كل عراقي يبحث عن الكرامة وسط ركام الواقع اليوم . هناك من وجد ضالته في المال الذي أصبح، رغم ابتذاله اليوم ، شحيحا وعزيزا بعد أن خلف الاحتلال ومخرجاته أكثر من ثلث الشعب العراق تحت خط الفقر وفئة كبيرة من هذا الثلث بين نازح ومشرد داخل وطنه أو يبحث في المزابل عن لقمة تملأ معدته الخاوية. ووجد ربع الشعب العراقي تقريبا نفسه خارج العراق في رحلة بحث جديدة عن الذات . ذاك العراق العظيم الذي تريد اميركا وايران و"اسرائيل" لتحويله إلى مختبر لنشر الرذيلة والمخدرات والمثلية والأمية والفقر وتجارة الرقيق والأعضاء البشرية وغيرها ومن أجل تعميم نتائجها على باقي الدول التي ستخضع لنظرية الفوضى الخلاقة للمجرمة گوانداليزا رايس. ليس لحاكم فضل على العراق مهما كان عادلا ويخاف على كرامة العراقيين وامنهم وان كان حارسا على منظومتهم القيمية وعلى سيادة العراق مثلما فعل كل حكام العراق الحديث منذ 1921 وحتى 2003. كل اولئك سواء اتفقنا مع منهج اي منهم أو اتفقنا ، فإنهم كانوا يقومون بواجبهم، وللعراق عليهم دين وفضل. والرئيس الشهيد صدام حسين واحد من اولئك الحكام عمل واجتهد من أجل كرامة العراقيين ومن أجل أن يكون العراق قويا ومنيعا. لا بأس أن يختلف مع منهجه من يختلف على أن يكون المعيار في الاختلاف واضحا وصحيحا. نعم لم نكن بلدا ديمقراطيا، ولم نكن بلدا يمارس المواطن فيه كل حريته الفكرية والعقائدية، ولم تكن الصحافة حرة ولا العمل السياسي كذلك. نعم كل ذلك صحيح، ولكن كان العراقي يعيش بكرامة وسعت الدولة وكل أجهزتها لتوفير ما تستطيع من لقمة العيش. وكان للعراق سيادة لا يستطيع المجرمون لمسها. وكانت هناك العدالة النسبية التي تمنع الجريمة وتوقف المحسوبية والواسطة والرشوة. وكانت ابواب الحكام مفتوحة وكان واجب الجيش حماية الحدود وواجب الشرطة والأجهزة الأمنية حماية الناس وتوفير الأمن في الشارع . وواجب المخابرات التصدي لكل اجنبي تسول له نفسه المساس بأمن العراقيين القومي. كان في العراق أجهزة دولة بعضها نباهي بها العالم وبعضها كان في طور التكوّن والتطور. كانت لدينا وزارة تجارة من ارقى وابدع الوزارات من مثيلاتها في العالم التي حاربت الحصار وتصدت لكل قرارات مجلس الأمن التي أرادت تعريض العراق للمجاعة.
لقد أوقفت الوزارة المجاهدة المجاعة وتحولت إلى مرحلة التمكين عندما استطاعت أن توفر الغذاء للعراقيين لمدى زمني يتراوح من ستة أشهر إلى عام كامل . ووزارة الاسكان بشركاتها العملاقة مثل المنصور والمعتصم وغيرها وترفدها شركات وزارة الصناعة لإنتاج الاسمنت والحديد ومواد البناء الاخرى. وكانت هناك الصناعة والتصنيع العسكري التي ارعبت الحاقدين وابهرت المحبين، والتي توزعت منشآتها ومصانعها في كل أنحاء العراق تنتج كل ما يحتاجه العراقيون ، سيارات حمل وباصات وجرارات وأجهزة زراعية ومولدات وانواع الأجهزة الكهربائية والاسمنت والطابوق والقائمة تطول . وهناك الكهرباء وكوادرها العملاقة التي أعادت الحياة للعراقيين في اقل من ستة أشهر بعدما حاول الغزاة إيقافها بتدمير الكهرباء إنتاجا وتوزيعا. كانت لدينا وزارة النفط بكوادرها الاستثنائية التي عملت الممكن رغم الحصار القاسي من أجل كسره وضمان تصدير النفط بكل الطرق المتاحة من أجل توفير العملة الأجنبية الكافية لتغطية احتياجات العراقيين. كانت لدينا وزارة الصحة وكوادرها الكفوءة التي حافظت جاهدة على صحة المواطن العراقي من غير أن تثقل عليه بتكاليفها الباهظة. كانت لدينا وزارة التعليم العالي وكفاءاتها المشهود لها في كل العالم وجامعاتها المصنفة من أرقى الجامعات حتى في فترة الحصار الظالم . ووزارة التربية التي يحسب لها أنها كانت تجاهد من أجل ألا يحصل تسريب الاطفال من المدارس، وتجاهد من أجل أن تتوفر الكتب والدفاتر والاقلام وكل متطلبات تعليم الاولاد والبنات في مدارس مهيأة على نحو صحيح، وكانت لدينا مدارس المتميزين العنوان الأبرز لتربية وتعليم متقدم. كانت لدينا وزارتي الري والزراعة التي ضمنت توفير احتياجات الحد الأدنى من المواد الغذائية للعراقيين. فلم يعاني العراق من شح المياه، ولم يعاني من انخفاض الإنتاج الزراعي أو إنتاجية الفلاح أو إنتاجية الدونم الواحد وذلك بتوفير الآليات اللازمة إنتاجا واستيرادا، وتوفير الأسمدة من خلال انتاجها في مشاريع عراقية عملاقة في حصيبة بمحافظة الانبار والبصرة. هكذا كان العراق تحت إدارة قادة يقومون بواجباتهم كما ينبغي تجاه شعبهم ووطنهم . رحم الله القائد الشهيد صدام حسين الذي لم يعدمه الاشرار لانه لم يكن ديمقراطيا وانما اعدمه الاشرار لانه كان وطنيا وحاسما في إيقاف محاولات التدخل، ولأنه كان عروبيا لم ينسى واجباته تجاه فلسطين والأحواز وسبتة ومليلة والاسكندرونة. اعدموه لانه أراد العراق مستقلا اقتصاديا وسياسيا. اعدموه لانه كان يهتم بالشباب وبدوره الطليعي في بناء العراق والامة. اعدموه لانه وقف ضد التطلعات الصهيونية في المنطقة والعالم. اعدموه لانه قال لا للإمبريالية، لا لاستغلال الشعوب. اعدموه لانه كان عراقيا أصيلا ورفض التنازل عن حقوق العراقيين. اعدموه لانه كان يؤدي واجبه بوصفه رئيسا للعراق. رحمه الله وكل رفاقه في القيادة، الشهيد عزت الدوري والشهيد طه ياسين رمضان والشهيد طارق عزيز وكل الذين لقوا ربهم وشعبهم راض عنهم. وفك الله أسر من بقي في المعتقلات الايرانية في العراق. سنحتفل بكم ايها القادة الابطال وباعمالكم وانجازاتكم العظيمة وكما تستحقون عندما يتحرر العراق من اخر جندي اجنبي وعميل.
إرسال تعليق