فاطمة المزروعي
التعثر وإلغاء المشاريع أو التوقف عن ممارسة الرياضة أو عدم الذهاب إلى دورة تدريبية، أو أي نهاية غير متوقعة أو غير مخطط لها، دوماً يكون هنالك سبب وراء مثل هذه القرارات . جميعنا ندرك أن كل واحد منا يملك رغبات وتطلعات وطموحات، وهي بكلمة واحدة الدافع نحو الكثير من المهام والأعمال التي نقوم بها، ولنأخذ على سبيل المثال التعليم .. لماذا يتعلم الناس؟ هل يجد أحد أنه من الاعتيادي أن يُطرح مثل هذا السؤال؟ بالطبع لا، لأن الجميع يعتبرها بديهيات، ولا يوجد من يختلف على أن العلم هو من أسمى المكاسب، التي قد يحصل عليها الإنسان ويمتلكها، وأهميته بالغة وحيوية، فهو مثل السلاح، الذي نستخدمه لمواجهة ظروف الحياة وتقلباتها وعقباتها، فالعلم هو الجسر الذي نعبر من خلاله التحديات، ونتجاوز بواسطته الصعوبات.
رغم هذا فإنها قد تعتبر إجابة نموذجية، ولنسأل مرة أخرى عن السبب الذي يدفع الإنسان للتعليم ؟ سنجد أن الإجابة الصادقة هي للحصول على مقعد في الجامعة، بهدف نيل شهادة عليا، تمكنه من إيجاد وظيفة مرموقة وذات دخل مرتفع، وليس حباً في العلم بذاته، وهناك نماذج أخرى مثل شخص في منتصف العمر يمارس الرياضة لهدف معين، وهو أن يفقد خمسة كيلو غرامات من وزنه، فور وصوله لهذا الهدف سيتوقف عن ممارسة الرياضة، هذا أمر جيد فقد وصل لهدفه، لكن هل فعلاً وصوله لهدفه يجعل قرار التوقف عن ممارسة الرياضة قراراً صحيحاً ؟ الحال نفسه ينطبق على من اتجه نحو العلم لنيل الشهادة الجامعية، بهدف الحصول على وظيفة، وبعد أن حقق هدفه يتوقف عن التطور المعرفي وعن التعليم ، هل سيكون مثل هذا القرار إيجابياً في حياته ؟ الذي يمارس الرياضة، وقد خسر بعض الوزن ، ثم توقف مكتفياً بالنتيجة، التي يرغب بالوصول إليها لم يتدرب من أجل أن يعيش حياة صحية أو أن يتخلص من الطاقة السلبية، ويشعر بنبضات قلبه وإلا لتمسك بالرياضة، الحال نفسه في ذلك الذي اكتفى بما قدم له من الجهات التعليمية سواء المدرسة أو الجامعة، والنتيجة إنسان اعتيادي آخر، لم يتعلم من أجل أن يسمو بمجتمعه أو ليكون فاعلاً، ويصنع الفرق في العالم، لو كانت هذه هي دوافعه لجعلت منه محباً للعلم، ومستمراً في النهل منه بالرغم من صعوبة الطريق، ومحققاً لأحلامه مهما كانت بعيدة .
الدوافع هي السر خلف من يتفوق وينجح، ومن يخفق ويخسر، فإن كانت دوافعك محدودة وقصيرة النفس، ولا تستمر سوى لوقت محدد، ثم تنتهي مثل التعلم، بهدف الحصول على الشهادة ومثل ممارسة الرياضة من أجل إنقاص بعض الوزن، ستكون منجزاتك تماماً متطابقة مع قصر أنفاسك، وتواضع دوافعك . دوافعنا دفينة قابعة في عمق عقولنا الباطنة، لكنها تقود ممارساتنا، وتوجه نظرتنا وتحدد مسارنا، وهذه أول نقطة يجب التنبه لها، وهي فهم ومعرفة ما الذي نريده بشكل واضح ودقيق، وتبقى مجرد أفكار نستطيع التحكم بها، ونستطيع تطويرها بشكل إيجابي ومفيد، فنتوجه نحو التعليم، لأن كل مرحلة وكل محطة من الحياة تتطلب خبرة وعلماً ومعرفة ، ونتوجه نحو ممارسة الرياضة باستمرار، لأن الحياة الحديثة تتطلب الحركة والمرونة، والتخلص من الوزن الزائد، أدعو الجميع لإعادة النظر في دوافعه في الحياة، لجعلها مستمرة متحركة لا تموت .
إرسال تعليق