مقامة الفرسان... على مثل ابي سامر فلتبكي البواكي.

مشاهدات


 

صباح الزهيري 


(لِلَّهِ ما أخَذَ وله ما أعْطَى, وكُلُّ شيءٍ عِنْدَهُ بأَجَلٍ مُسَمًّى, فَمُرْهَا فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِبْ) .

 

قال ابو تمام :


مضى طاهرَ الأثوابِ لم تبقَ روضة... ٌ

غداة ً ثوى إلا اشتهتْ أنَّها قبرُ

ثَوَى في الثَّرَى مَنْ كانَ يَحيا به الثَّرَى...

ويغمرُ صرفَ الدهرِ نائلُهُ الغمرُ

عليك سَلامُ اللهِ وَقْفاً فإنَّني...

رَأيتُ الكريمَ الحُرَّ ليسَ له عُمْرُ)).


تتوالى الخسارات وتسقط النجوم نجمة تلو أخرى, وها انت تسوقك للخلد ولدان وأبرار , مرهق هو الوداع , مرهق حين يأتي على شكل ورقة نعي,  فاجأني رحيلك ابا سامر , تهيأ لي إنك لا تصلح للغياب , انتظرنا , لن نتأخر عليك . يعرف فيك كل من عرفك صفاتٍ تجلّت ولمعت في الزمن الصعب الذي كشف صدأ معادن الكثيرين,عشت مخلصاً لرسالتك, وتعففت في زمن تهافت فيه كثيرون على الفتات الذي يظل فتاتاً في حسابات المبدأ وإن كبرت الأرقام وكثرت الأصفار ,ظللت تُظهرالغنى مكابراً ونحن نعرف ضيق الحال وعسر الأيام , وظللت تعمل وتعمل وتعطي نتاجاً وتقدم نموذجاً نادراً في الإلتزام , حتى كان ذلك اليوم الذي شهد إغفاءتك الأخيرة . آه يا ابا سامر العزيز شيعتك الْقُلُوب وَأَنْت فِيهَا حَبِيبًا طَاهِرًا عَفَا نَقِيا, رَحَلْت عنا وَفِي الْحَشَا مِلْيُون غصة عَلَى فرقاك الأبدي, كم هو مؤلم فراقك المروع صديقي الجميل, وكم هو موجع غيابك المتعجل, برحيلك مالت الاغصان كمدا عليك وذبلت أجمل ذكرياتنا الجميلة ,وغدا حينما نلتقي عندك في الأعالي سأضع على جبينك كل قبلاتي المؤجلة .

 

أرثيك يا رجُلاً توارى ذِكرهُ, بين الأنام وهل يفيد بيانِ, خالدٌ ولن يجد الزمان بمثلهِ, شهماً شريفاً طيفه أشجانِ, مثله يفزعنا رحيله , حيث يوارى جسده الطاهر كطهارة ضميره ,والطيب كطيبة روحه التي تحتضن عقله النير المبدع الذي استغرقه حب الوطن والسعي لخدمة الناس , أيها العراقي الغيور الذي كان يسير على قدمين ثابتتين , يقينا لم يعرفك الكثير, لم تكن سياسيا او إعلاميا تخيط وتخربط في هذا الواقع الممتليء بالديناصورات, يكفيك انك تحمل وطنك تحت جلدك أينما ذهبت، بينما لم يتحملك الوطن نفسه, لو ان العراقيين عرفوا طيبة قلبك لصبغوا ثياب حدادهم عليك بالبياض, ولطشّوا تحت قدميك الواهلية وانت تسير متعبا نحو فندقك الترابي . الذيول والمخانيث والطفيليين لا ينعون الرجال صدر الدواوين , ولا يترحمون عليهم لانهم يشعرون بعقدة النقص اتجاه الاحرار واصحاب القيم والمعاني العاليه والمترفعين عن مخالطة الخونه والعملاء , ايها الفارس الشهم نعاك رفاقك واخوتك الاحرار اصحاب الاقلام الحره المترفعين عن فطائس هذا الزمن الرديء . 

 

سلاماً أبا سامر , ستولد مرات ومرات , كل موت وانت بالف حياة ياصديقي يا عطر العراق .



.



تعليقات

أحدث أقدم