ضرغام الدباغ
قرأت تواً نبأ عن انسحاب قوات حزب حسن نصرالله من مناطق التماس الحدودية مع العدو الصهيوني ، وقدموا عذراً أقبح من الذنب، أن العدو يمتلك صواريخ دقيقة .....! كأنهم متفقين على أن تكون العركة بمستوى لعب جعاب فقط ..! ولمن إذن كدستم ألاف الصواريخ ..؟
كنت قد كتبت مرة ، أن وجود الكيان الصهيوني في المنطقة ، هو وجود تمثيل لمصالح أجنبية بأمتياز، الصهيونية لا تعني الدين اليهودي ، بل هي حركة معادية للدين ، والحركات اليهودية معادية للكيان الصهيوني أكثر من العرب ، هي حركة ملتحقة عضوياً بالإمبريالية العالمية وأهدافها ، ولكن لا بد من الاعتراف ، أن خللاً في دقة وسلامة وعينا لمهام الوجود الصهيوني كقوة سياسية ، اقتصادية ، عسكرية، يراد لها أن تكون قوية جداً على هذه الاصعدة الثلاث، وهي موجهة ضد الأمة العربية بالدرجة الأولى، وأكثر تحديداً ضد القوة العربية المتحررة من الضغوط الخارجية، وكنت قد كتبت مرة ... واستطراداً فإن القوى الرجعية المتحالفة مع الغرب الإمبريالي قد تجد نفسها في صفحة من صفحات المواجهة، متقاربة من الخندق الصهيونية، وإذا أشتد التناقض أكثر فأكثر، ربما تجد الرجعية نفسها أن معسكرها قد يلتقي في الكيلومتر رقم (؟) مع معسكر الصهيونية / الإمبريالية / إيران . وفق نظرية علمية " الخطين الغير المستقيمين سيلتقيان حتماً ". وقبل ذلك نجد فإن التناقض بين الفرس وأذنابهم ، ومع الصهيونية والإمبريالية، هو تناقض شكلي للغاية ، لا يتوافق مع القواعد العلمية السياسية . وإذا شئنا أن نعرض هذه المعادلات للفحص، نجد وفق نظرية من المستفيد ..؟ أو أين المصلحة ... لنتسائل، أين تكمن مصلحة ملالي الفرس ..؟ سنجد لا مصلحة لملالي الفرس قيد سنتمتر مربع واحد في التحالف مع القضايا العربية وهم معادين لها بصفة عامة ، والقضية الفلسطينية خاصة . والنتيجة سيبلغها طالب في الصف السادس الابتدائي فحسب، أو حتى أقل .. مثل جدول ضرب 5x5، البسيط جداً للأطفال . سنصل لنتيجة لا مصلحة البتة ليتحالف فارسي مع فلسطيني ..!
بالنسبة لي هذه مسلمة ثابتة، وقد بلغتها منذ زمن بعيد يصل لعام 1979 ..! وحين اشتدت المناقشات بصدد الأحداث السياسية الدائرة في تلك المرحلة بالذات ... ترسخت في ذهني حين بدأ نظام الملالي يسفر عن وجهه الحقيقي، وتعمقت حين رد نظام الملالي بعجرفة المتحمسين من الفلسطينيين، وبعد أن بدأ الكيان الصهيوني والدائرين في فلك أمريكا يزودون إيران بالأسلحة، بذرائع شتى، بدت مقتنعاً هل من مصلحة اميركا أن يحقق العرب منجزات .. بالطبع لا، هل من مصلحة الكيان الصهيوني أن تحقق الامة العربية المنجزات (سياسي اقتصادي عسكري) منجزات ومكاسب ... بالطبع كلا، إذن من الطبيعي جداً أن يكون هناك تحالف متين أميركا / إيران / إسرائيل .. والعكس صحيح. وهل من مصلح النظم الرجعية أن تحقق الثورة الفلسطينية منجزات ساحقة تتجاوز المعارك الصغيرة التي لا تلد منجزات كبيرة، لا ... بالطبع لا ... ! بلغنا إذن نتيجة مؤكدة أن التحالف الظاهر والكامن هو في الواقع يدعم الكيان الصهيوني والجميع يعمل لخدمة استراتيجيات الولايات المتحدة، التي تقدم الكثير جداً لدرجة المجازفة، للكيان الصهيوني، وهل يعقل أنها تفعل كل ذلك مجاناً.
ووفق مصادر صهيونية شبه رسمية (صحيفة بديعوت أحرنوت) أن الولايات المتحدة قدمت للكيان 230 طائر شحن و30 سفينة نقل محملة بالأسلحة والذخائر .. في حربها في غزة ......! والعمل أن تقوم أنظمة معادية للمعسكر الأمريكي هو هدف آخر لهذا التحالف.. وعلى هذا فمن الممكن أن ينشب خلاف بين كتلة الدول الغربية، لأسباب اقتصادية وجيوبولتيكا، كما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية، وفي الواقع أن تاريخ الحروب حافل بالنزاعات بين الدول الرجعية ولكن من من المستبعد أن تبلغ تناقضات أعمق من التناقض الثانوي الذي يجد بسهول سبل الحل عبر مفاوضات الطاولة الدبلوماسية ، ومن المستبعد أن يبلغ التناقض الثانوي حداً تناحريا يتجاوز الخلاف السطحي الشكلي، بين الدول والكيانات التي انتجتها الحروب الاستعمارية، ودبلوماسية الكواليس، فهذه لها مشغل واحد (Opretor ، بيده مفتاح زمبرك اللعبة يعين لهم مدى التصرف المسموح به لمدى محدود لا يبلغ أكثر من ذلك ولو شبراً واحداً . في البحث عن الصدامات العربية / الصهيونية، قرأت نصاً مدهشاً أنتجته مؤسسة أوربية عن أحداث معركة الكرامة / آذار / 1968، والقارئ لهذا النص الذي قد يجده البعض حيادياً ، وكأنه يتحدث عن أحداث غزة/ نوفمبر / 2023 . وبالنسبة لقارئ فطن ، الصورة تتشابه حين يتماثل كلياً أو جزئياً، جوهر الاحداث، وكأنك تلقط صورة فوتوغرافية لنفس الهدف بعد مرور سنوات ولكن بنفس آلة التصوير ونفس البعد والضوء، والسرعة (العناصر الثلاثة : البعد، الضوء، السرعة) هذه الأبعاد موجودة في التحالف الأسود الأمريكي الفارسي الصهيوني ... دققوا في الصورة ستجدون أن المبدأ الذي يحكم العلاقة متوفر بقوة .. وينفذ بشكل دقيق للغاية، والحفاظ على التحالف هو مهمة تحرص عليها الجهات الثلاث .. لذلك فهم يقومون بين الفينة والأخرى بإثارة عواصف خفيفة (عاصفة في فنجان) لذر الرماد في العيون، وللأسف ينجحون، لأننا في الشرق شعوب تعتمد على النوايا لا على ما تشاهد وما تعاني ..! حين يكون الصراع بتراشق الكلمات، ستجدهم السباقون ويحتلون الكراسي الأمامية، ولكن حين يصبح التراشق بالصواريخ يلوذون بأذنابهم، كالثعالب . الحقيقة هي ما يتجرعه الشعب من عذاب وألام .... وسوى ذلك ظلال في ظلال ... وبكاء الممثل على خشبة المسرح لا يدل على أن ما يمثله هو حقيقة ....بل هو ممثل فحسب ....!
إرسال تعليق