بقلم السفيرالدكتور سعيد حسن الموسوي
السيدة لينداور مسؤولة أمريكية رفضت حصار وغزو العراق فسجنوها
انتشر في وسائط الاتصال الاجتماعي مقطع مجتزأ من مقابلة للسيدة سوزان لينداور مع قناة (RT) الروسية قالت فيه إن سفير العراق في الأمم المتحدة سعيد حسن وافق على جميع الشروط الأمريكية من أجل رفع الحصار عن العراق . الجهة الفارسية التي نشرت المقطع تعمدت وضع عبارة "صدام اسمك هز أمريكا" عليه للإساءة لموقف الحكومة الوطنية العراقية ، وللرد أبدأ بقوله تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) صدق الله العظيم)
وأقول : عندما كنت ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة اتصلت السيدة سوزان لينداور ببعثنا وقدمت نفسها على انها موظفة في جهة استخبارية أمريكية مهمة وأنها تريد بحث إمكانية اتفاق العراق والولايات المتحدة على برنامج لإنهاء الحصار مقابل امتيازات اقتصادية يقدمها العراق للجانب الأمريكي، والتقيتها في دار سكن السفير وفي بناية الأمم المتحدة مرات عديدة عامي 1999 و2000، وعرضت عليّ مقترحها بأن ترفع أمريكا عقوبات مجلس الأمن عن العراق مقابل ان يتعاون العراق مع فرق التفتيش ويبدي اقصى قدر من الشفافية مع المفتشين، وأن يتعاون مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة الإرهاب وأن يتعهد بمنح الشركات الامريكية عقود إعادة الاعمار، وان تعود الشركات الامريكية التي كانت تعمل في العراق قبل حرب الخليج الأولى (أي قبل الحرب العراقية الإيرانية) وأن تعطى الشركات الامريكية حصة في التجارة مع العراق مشابهة لحصتها قبل عام 1990. وكانت مقترحاتها منطقية ولا اعتراض للعراق عليها مقابل رفع الحصار الذي قتل ملايين العراقيين وغالبيتهم من النساء والاطفال، خاصة وأن مقترحاتها لم تتضمن شرطا مرفوضا كانت تطرحه أمريكا قبل هذه المبادرة وهو الاعتراف بالكيان الصهيوني . وابلغت السيدة لينداور بعد التشاور مع بغداد ان مبادرتها منطقية ومعقولة ، وقامت السيدة لينداور باشراك سفير ماليزيا السيد عزمي عكام في المبادرة ، والذي ابدى الاستعداد أن تكون بلاده ضامنة للاتفاق وأن تستضيف المحادثات التفصيلية بين العراق وامريكا في العاصمة كوالالامبور .
وكانت السيدة لينداور سعيدة بموقفنا وأوصلت مقترحها الى رئيس المخابرات الامريكية جورج تينيت والى رئيس موظفي البيت الأبيض أندرو كارد الذي هو ابن عمها ، وقالت ان بوش الأبن اخذ علما به ، وكانت تقول ان سعادتها برفع العقوبات ستكون أكثر من سعادتنا، كون مبادرتها ستوقف قتل أطفال العراق مشيرة الى تقارير منظمة اليونسيف التي وثقت موت اكثر من نصف مليون عراقي نتيجة الحصار، وقالت انها سترشحني والسفير عزمي عكام لنيل جائزة نوبل للسلام إذا نجحنا في رفع العقوبات ، لكن جهودها فشلت لإن إدارة بوش كانت قد قررت تغيير النظام السياسي في العراق بناء على أوامر من الصهيونية العالمية . وبعد احتلال العراق واصلت السيدة لينداور حملتها على إدارة بوش ولفقوا لها تهمة انها عميلة للمخابرات العراقية وأنها مختلة عقلياً ، وسجنت لأقل من سنة بين عامي 2005 -2006 ، وبعد خروجها من السجن وثقت مسيرتها في كتاب نشرته بعنوان "أقصى التحيز" (Extreme Prejudice) عرضت فيه اتصالاتها معنا ومع البعثة الليبية من أجل إعادة العلاقات الطبيعية بين أمريكا والعراق وليبيا وانحت باللائمة على فشل محاولاتها رفع الحصار عن العراق الى ضعف بوش الابن وخضوعه للإملاءات الخارجية . وأرفق الفصل الخامس من الكتاب الذي تستعرض فيه مبادرتها إزاء العراق واتصالاتها معنا. وكتابها منشور على الانترنت لمن أراد تفاصيل وافيه عن هذه الانسانة الطيبة وجهودها لرفع الحصار عن العراق .
والله المستعان
بغداد في 24 شباط 2024
إرسال تعليق