آسر عباس الحيدري
التعريق يمر عبر ثلاث حقائق
الحقيقة الأولى :-
إنَّ تاريخ تأسيس الحوزة العلمية في العراق يرجع إلى أواخر القرن الخامس الهجري ويعود الفضل الأول في تأسيسها إلى جهد ومسعى الشيخ الطوسي والذي يعتبر بحق هو المؤسس الفعلي للحوزة العلمية وهناك رأي آخر يقول إنّ المؤسس الفعلي للحوزة العلمية هو الخواجة إسماعيل شاه الصفوي الذي حول جنوب العراق وإيران من المذهب السني الشافعي والحنفي إلى المذهب الصفوي الشيعي والقومي الفارسي وتقول بعض المصادر إنّ هذا الشاه هو الذي وضع للحوزة العلمية نظامها التسلسلي القيادي ونظامها العملي المؤسساتي ومن ثم حصرهما حصراً بين أبناء بني جلدته الفرس الإيرانيين وبهذا العمل والذي يخالف قول الله جلا وعلا (إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) كان هو السبب والعائق الأول أمام بروز قيادات مرجعية عراقية أو عربية عن هذا يقول الإمام المصلح الكبير الإمام موسى الموسوي رحمه الله وهو حفيد الإمام أبو الحسن الأصفهاني الزعيم السابق للحوزة العلمية في كتابة الشهير (يا شيعة العالم إستيقظوا صفحة 137 ) ما نصّه ( والحوزة العلمية في القرون الخمسة الأخيرة كانت بيد الإيرانيين في أغلب الأحيان وذلك بسبب المكر والدهاء الذي يتمتّع به رجال الدين الإيرانيين الذين يرشحون دوماً للزعامة المذهبية والفقاهة المرجعية زعماء دين إيرانيين ويحصرونها بينهم حصراً دون غيرهم وهنا يكمن سر خطير لم يكتشفه أحد من قبل ألا وهو تجاوز عامة الشيعة للقومية والوطنية في تبعيتها لإيران في مقابل تمسك رجال الدين الشيعة الإيرانيين بالقومية والعصبية ) .
الحقيقة الثانية :-
إنّ إعتناق الكثير من الشيعة العراقيين وبلا وعي منهم للفكر القومي الفارسي الصفوي الخبيث لا يلغي حقيقة تأريخية وهي إنهم كانوا جميعاً من أهل السنة ( شوافع وأحناف ) ثم جرت بحقهم عمليات التحويل القسري وعلى يد المجرم السفاك إسماعيل شاه الصفوي قال بعض المؤرخين ( لقد حاصر هذا الشاه مدينة البصرة أربعون يوماً وخيّرها بين الفناء أو إعتناق مذهبه القومي الفارسي الصفوي ) وهكذا بعد ذلك جرى هذا التخيير القسري القومي الصفوي الفارسي الظالم على باقي مدن وعشائر العراق الجنوبية وهذا ممّا يفسر اليوم ويحل كثير من الأسئلة حول سبب إنقسام العشيرة العراقية العربية الواحدة إلى قسمين القسم الأول صفوي رضخ في الماضي للتهديد القومي الفارسي الصفوي في التصفية والفناء وغير الاتجاه وأعتنق العقيدة الصفوية الفارسية القومية كمنهج رغم خطورتها عليه تأريخيا وأدبيا والقسم الآخر من نفس العشيرة قاوم هذا الاتجاه الخاطئ وبشدة وهم الأكثرية .
الحقيقة الثالثة :-
إنّ جميع مدن ما يطلق عليه حالياً بالوسط والجنوب العراقي إنما هي في الأصل مدن وقصبات سنية النشأة , سنية الوقف , سنية التأريخ فمدينة البصرة مثلاً أُسست بأمر من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك مدينة الكوفة فإنّها قد بنيت أيضا بأمر من هذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعدها كانت مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي , واسط فإنها أيضا مدينة سنية النشأة , سنية الوقف , سنية التأريخ , وكذلك مدينة العمارة والتي سميت نسبة إلى إسم الوالي السني العباسي عمارة بن الوليد عامل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور قال الشاعر البغدادي عبد الغفار الأخرس :-
عمرتموها فغدت عمارة ........ كما أردتم لمراد الخاطر
فقل لمن يسأل عن تاريخها ....قد عمرت أيام عبد القادر
ويقصد به المتصرف العثماني السني عبد القادر الكولمندي الذي انشأ فيها المسجد الكبير والمنارة الموجوده فية وكذلك انشأ فيها الأسواق والمحلات وأصبحت في عهده مدينة أسمها مدينة العمارة نسبة إلى الأعمار الذي حصل فيها وهذا هو الرأي الآخر , أما مدينة بغداد فإنها أيضا مدينة , سنية النشأة , سنية الوقف , سنية التأريخ وقد بنيت على يد السني أبو جعفر المنصور الخليفة العباس المشهور وقبلها كانت مدينة الهاشمية في الحلة وهي أول مدينة سنية أسسها بني العباس لتكون أول عاصمة سياسية لهم قبل انْ ينتقلوا إلى وسط العراق ويؤسسوا مدينة بغداد ولتصبح بغداد بعد ذلك عاصمة الدنيا ولعدة قرون وبعدها إتجهوا شمالاً بني العباس وأسسوا مدينة سامراء هذه المدينة التأريخية العريقة والتي بنيت لتسر من رأى .. أما مدينة الناصرية حديثة العهد في التأسيس فأنها قد بنيت وأسست على يد الأمير السني ناصر الأشقر والتي سميت على إسمه الناصرية وهو من قبيلة السعدون القبيلة العربية المعروفة أمراء المنتفج وأمراء الجنوب ..
فماذا بقي لدعاة الفتنة والطائفية وهم في الآخر قد أصبحوا ( نزلية ) على حد قول الشاعر
( صبحنا نزلية ) .
ماذا بقي لهم في العراق !؟
أخيرا على الشيعة العرب العراقيين الأحرار بعد قراءة هذه الحقائق التأريخية المعروفة أن يختاروا وبصوت عال ما بين الحوزة العلمية أو العراق ,الحوزة العلمية بأمتداداتها التأريخية القومية الفارسية وبين العراق بعمقه الحضاري التأريخي العظيم في المنطقة قراركم الوطني يهمنا أيها الشيعة العراقيون العرب الأحرار ... قراركم الوطني يهمنا وليكن مرجعنا الأول الروحي هو العراق .
إرسال تعليق