ميس خالد
لم تكن صدفة أن ألتقي به بين الأزقة العتيقة ..
كأن ملامحه ..شربت بعضا من تجاعيد وجه المدينة الشاحب
الذي يزين خديها عريشات الورد والعنب
كانت نسائم الخريف تعبر مسرعة
عبر شبابيك المقاهي
ممزوجة بأغاني عتيقة
لم تكن خطواتي وحدها التي تدق أرصفة الحي
المرصعة بنزق اﻹنتظار
اﻹنتظار الذي يذكرني برائحة أشجار النارنج في منزل الجدة
مشيت طويلا ، أفتش عن معالم مدينتي
الغارقة في الهدوء .. رغم ضجيج الأحداث عالميا ومحليا
أنهيت طقوس شرب الشاي
وبدأ تساقط المطر يبدد رتابة الشوارع
التي نستها أقدام العابرين
ما إن أقتربت من النافذة
حتى تسللت صورة ذلك الرجل إلى مخيلتي ...أين رأيته ياترى؟ وجهه مألوف لدي للغاية ..
أشعر إن هناك لوحة لملامحه معلقة على جدار النسيان
في إحدى غرف الذكريات داخل روحي
لا أذكر أني أستشعرت بردا بالغا
كالذي استشعرته في راحتيه..
لكن عينيه كانت دافئة النظرات .
كم كان أنيقا في مراسم الوداع
وحانيا وهو يضع الورد على الرفات ..
دقت نواقيس الحنين ضجرا
وتمايلت عقارب الانتظار ترتل بحزن صحائف الدقائق
على وجه ساعاتِ عجاف
مبللة أوراقي بسكونٍ جاف
عاري عنق القلم ..
يتغنج بترقوة تناغي ألأصابع
ومداد متشقق ...يتوسل ندف الغياب
أن يغمسني بكؤوس مترعة بالضجر
معتقة بالعطر
مازلت أبحث عن مخرج في مواسم الذبول
عن فراشة تمنحني ألوان حانية
أشدُ بها عضد خيباتي الرمادية
ها هو الشوق يكسر عورة الصمت
ويحترف إثارة الفتنة
في مكامن نبض الحروف ..
فرغت أقداح الشاي أمامي
وتابعت المسير تحت المطر
لكني لم أكن متأكدة من وجهتي ..
تركت نفسي للخطوات تأخذني حيث تحب أقدامي
إرسال تعليق