د. ضرغام الدباغ
غيرترود بيل ذات الشعر الأحمر الرجولي الذي كان حتى العرب يتوددون إليها
تلفزيون صحيفة WELT الرقمية
كتب التقرير : يواخيم هانز / Joachim Heinz
ترجمة : د. ضرغام الدباغ / Dr. Dergham Aldabak
تم النشر : 14 / تموز / 2018
غيرترود بيل : برعت كعالمة آثار ومؤلفة ورياضية / متسلقة جبال وعملت في المخابرات البريطانية : أم أنها كانت جيرترود بيل المغامرة التي تركت بصمتها على الشرق الأوسط بأكمله .
" أحيانا يكون لديك شعورا غريباً أن تكون وحيداً في هذا العالم ، لكني الآن وبعد أن اعتدت عليه، أعتبره أمراً مفروغاً منه ." هناك القليل من الثقة بالنفس ، ولكن هناك أيضا قدر معين من الدهشة في الحياة الخاصة في هذه السطور التي كتبتها بيل بنفسها ، تعد جيرترود بيل . المرأة البريطانية التي ولدت في 14 يوليو/تموز 1868 بالقرب من نيوكاسل ، تمتلك تلك الطباع الفضولية التي دفعتها للمغامرت في أعماق الشرق في مطلع القرنين التاسع عشر والعشرين، في المنطقة العربية خلال الحرب العالمية الأولى وبعد الانهيار. وأصبحت الإمبراطورية العثمانية بيدقاً للمصالح الأوروبية . لعبت جيرترود بيل أيضًا دورا في هذا، ولكن قبل كل شيء نتساءل . كيف انتهى الأمر بالمرأة بالسفر بمفردها حول العالم خلال هذا الوقت؟ ولم يكن الأمر يقتصر على استكشاف أطلال الكنيسة البيزنطية في تركيا أو مدينة تدمر القديمة في سوريا فحسب، بل أنها جربت أيضا رياضة تسلق الجبال وصعود للوجه الشرقي لجبل فينستيرارهورن الذي يبلغ ارتفاعه 4274 مترًا في جبال الألب السويسرية باعتباره معلما رائعا.
متسلق الجبال ؟
كانت بيل محظوظة لأنها نشأت في أسرة ليبرالية ومستقلة مالياً، على الرغم من الوفاة المبكرة لوالدتها ماري . وضع الجد إسحاق لوثيان الأساس لمكانته وثروته في صناعة الحديد . تشرح جيرترود البالغة من العمر 17 عامًا رغبتها في دراسة التأريخ ، حيث كانت النساء نادرًا جدًا ما تلتحق للدراسة في الجامعات. وفي ذلك الوقت كتب عنها والدها توماس هيو بيل وزوجة أبيها فلورنس أوليف قولها هذه الكلمات : "أريد أن أعرف وأن أكون قادرا على القيام على الأقل شيء واحد من الصفر ." فذهبت إلى أكسفورد وتخرجت بمرتبة الشرف عندما كان عمرها بالكاد يبلغ 20 عاما . وأعقب ذلك رحلتها الأولى إلى طهران لزيارة عمها فرانك لاسيلس، السفير البريطاني لدى شاه بلاد فارس . ومن هنا اشتعل حب جيرترود للشرق . وكتبت :
"لم أكن أعرف أبدًا ما هي الصحراء حتى أتيت إلى هنا". "إنه شيء رائع حقًا !".
ومنذ ذلك الحين انجذبت إلى المنطقة تكررت رحلاتها، وسرعان ما تحدثت بالفارسية والعربية . حتى البدو المتشددين أعجبوا بـ " الخاتون "، "السيدة" ذات الشعر الأحمر والعيون الخضراء . وكتبت كاتبة سيرتها الذاتية سوزان جودمان : "سواء في لندن أو في الشرق الأوسط ، ازدهرت جيرترود عندما كانت مركز الاهتمام" . لقد عوملت على أنها "رجل فخري" وتوددت باعتبارها "ملكة الصحراء ". سافرت بيل مع حاشية ، وكان خدمها يحملون معهم صحون ومعدات مائدة خزفية فاخرة وحوض استحمام مصنوعًا من القماش - وكانت تحافظ دائما على رباطة جأشها في المواقف الصعبة .
في عام 1902، كتبت حول قضاءها ليلة صعبة في معسكرها الليلي في ظل ظروف جوية سيئة جداً ، على نتوء صخري في فينستيرار -هورن بقولها مقتدية بأبطال بريطانيون : "لقد عزيت نفسي بأفكار بطل حرب البوير موريس ، الذي قضى الليل تحت المطر في الجنوب ". أفريقيا دون التعرض للأذى . وفي عام 1911، التقى بيل للمرة الأولى مع توماس إدوارد لورانس أثناء أعمال التنقيب في مدينة كركميش الحثية . كتبت بيل :
"لقد قضيت يومًا ممتعا". حاول لورانس وزملاؤه الذين لا يزالون مجهولين إقناع الباحثة التي كانت قد نالت الشهرة بالعمل معهم ". ثم التقى الاثنان مرة أخرى خلال الحرب العالمية الأولى : كعملاء ( للاستخبارات البريطانية ) في القاهرة . ومن مصر، أراد البريطانيون تأمين وصولهم إلى حقول النفط والهند . استغلت بيل و"لورنس العرب " اتصالاتهما لتأمين خلافة بريطانيا للإمبراطورية العثمانية كقوة مهيمنة . ساعدت بيل العراق في الحصول على شكله الحالي، وقام لورنس بتعريف القبائل في شبه الجزيرة العربية بأساليب حرب العصابات . ولم يكن بإمكان أي منهما أن يعرف مدى التأثير الذي سيحدثه عملهما : حتى يومنا هذا . أمضت بيل السنوات الأخيرة من حياتها في بغداد ، حيث وضعت حجر الأساس للمتحف الوطني العراقي . في 12 يوليو 1926 ، توفيت بسبب جرعة زائدة من الحبوب المنومة . ويقال إن الأمراض الجسدية والاكتئاب عذبت المرأة في النهاية ، التي أكدت نفسها بطريقة مثيرة للإعجاب "وحدها، في العالم ".
إرسال تعليق