صباح الزهيري
قال الثعالبي عن علاقته بأبو الفتح البستي : ((جمعته وإِيَّايَ, لُحمَةُ الأَدَب, التي هي أقوى من قرابةِ النسب)) , تلك هي علاقتي بنصوصك . تأخذنا الذكرى فننمو بين أناملها أزهارا برية ومواويل عشق وعناقيد عنب , لم يدركها الخريف لنذوب سويا حبة حبة قطرة قطرة , دون أن نُعيرَ اهتماما للزمن إن كان سيمنحنا بعض الوقت لنرسم للحب خاتمة جديدة , لاسيما ان الْوقْتُ عدَّادٌ وقِحٌ يأْكلُكِ لسانُهُ, وعقاربُ ساعاتِهِ تسْلخُ جِلْدةَ الْعُمْرِ, فقولوا لي : لماذا يأتي العِشقُ في الزّمن الخطأ ؟ أشعر بالقرب منك دفئ وحنان, والبعد عنك ندم, والفراق عنك ألم, ولكني مع ذلك أتحسب لقلمي حين أكتب عن نصوصك لأن الحكمة تقول : لا تستثير امرأة تكتب ببراعة , ستقتلك بين الحروف ألف مرة ,ستفرق دمك بين الكلمات , وتقيد وفاتك في سطر, وأنا أعترف بأنك ملاك يصعد بين حجاب نوراني فأراه يجلجلني كما يقول المتصوفة , ترى هل هوعشقاً يأتينا ؟ أم نوراً يتوهّجُ في آخر النّفق كي نخرجَ إلى رَحْبَةِ البدر الملكيّ ,هناك حيثُ الحفلة التنَكّريّةُ الرّاقصةُ في قصر سندريلا المهيب ؟.
يا من عشقتم مع خوف من الله, الصبر, أن الفرج قريب, يقول أحمد رامي الصب تفضحه عيونه , وفي رسائل التواصل الصب تفضحه حروفه, ويقول أنيس منصور : (( كل انسان يبحث عن الحب , الطفل يبحث عن الحنان , والمراهق يبحث عن الزمالة , والبالغ يبحث عن الزوجة , والعجوز يبحث عن الممرضة , وكلها أنواع من الحب , ولا يمكن الاستغناء عن الحب أبدا)) , لاأدري ولكنني قرأت أنه ليس حبًّا هذا الذي لا يأتيكَ بالفَرَاشَات والأراجيح والبنفسج , كما انه أجمل ما في الحبّ: أن تتحرّرَ من قبضته . الصديق جواد غلوم كتب : ((لا أدري كلما أسير في الطريق الدائريّ للحبّ تدهسني عربتُك الموشَّاة بالجمال , وحينما أصلُ الى دوّار العشق , تومئ لي لافتةٌ ، تنبِّهني قائلةً: أفضليةُ المرورِ لمنْ توجّعَ حبّا, أتابع سيري مقرِّراً الاستدارة , فيمنعني وجهك رافعًا شارتَهُ الحمراء , فالعاشقُ السويُّ مستمرٌ في السير حتى آخر مزالقِ العشق , أتنحّى جانبًا , فيصدمني زقاقٌ ضيّقٌ خانقٌ كُتِب في مدخلهِ : يمنع المرور إلاّ لعاشقٍ أنهكهُ النحول )).
لنعد الى جانب قلبك الشرقي, لنفهم كلام الذين قالوا (( المعنى في قلب الشاعر )) , حيث المشاعر حقيقية لايمكن أخفائها , والأماني صريحة واضحة زاهية الألوان , وبهجتها طاغية بطريقة غير مألوفة , تذكرت مقولة لبيرل بك تنص على ان : ((الحكمة الحقيقية في الحياة هي ان ترى الغير عادي في المألوف)) , والجانب الشرقي هو القلب الابيض الذي يحتوي بركات الخير, ونسمات المحبة , ونكران الذات ,وشحنات الامل , وكل سلوك جميل , هذا القلب الذي لم يخالطه سوى النقاء , الا انه ضعيف ونبضه يكاد يكون مكتوما, ذلك هو جمال فن نصوصك حيث الرقص على انغام الكلمات ,فرسائلك المغلفة بآريج الورد وعطركَ النافذ حدود الهيبة , كلماتكَ المؤثرة , تدهش وتؤجج ثورة الاشتياق , وتأخذ القاريء الى عوالم تجعله يحلق في مديات فرح غامر, ترفرف فيه فراشات ترتدي ألق الصباح , ليشعر حينها انه تجاوز حدود الدنيا , خارج منطقة الوعي بعيدا هناك , وتتطرز روحه باحلام الورد , فيقفز ويجلس على أرجوحة الامل .
أخيرا أختم مع الشاعر عريان سيد خلف حين يقول : (( ترة العاگول من ضيمة صبح عاگول , لو مرتاح چان ورّد )) .
إرسال تعليق