تقرير نصار النعيمي
تتزايد اعداد الموظفين الحكوميين عاماً بعد عام في العراق، تقابها زيادة في ارتفاع نسب البطالة بين افراد المجتمع، وغالباً من نسمع ان حصة الأسد من التخصيصات المالية تذهب لرواتب الموظفين.
رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل حدثنا قائلاً" مؤخراً تزايد تضخم موظفي بيروقراطية الدولة والمؤسسات الحكومية والقوات المسلحة العراقية بكافة صنوفها، إذ يتطلب اليوم من ميزانية العام 2024، ما قيمته 71 بالمئة من الميزانية التشغيلية من عائدات النفط، وباعتقادي تمثل كارثة للاقتصاد العراقي لأنها ليست أموال تذهب نحو الاستثمارات لتعظيم موارد البلاد بل على العكس تعتبر استنزاف لموارد البلاد الاقتصادية، وللخلاص من ذلك لابد من تنويع مصادر الاقتصاد العراقي وعدم الاعتماد فقط على ورادات النفط، وعلينا الذهاب الى اقتصاد انتاجي يتطلب الانفتاح على الاستثمارات الوطنية وتشجيعها، والعمل على إعادة رؤوس الأموال التي خرجت من العراق للاستثمار خارج البلاد، ووفق تقديرات البنك الدولي تقدر الاستثمارات التي خرجت من العراق من قبل المستثمرين العراقيين 300 مليار دولار، وينبغي العمل على اعادة رؤوس الأموال هذه الى داخل العراق من أجل تنشيط القطاع الخاص، والاستثمار في مختلف الجوانب لتعظيم الموارد الاقتصادية العراقية، الثروات المهاجرة والشخصيات الاقتصادية التجارية العراقية المهاجرة لن تعود بوجود تهديد لأمنها او ابتزازها او التهديد بالاعتقال او التصفية التي تعرضت له في حقب سابقة، عودتها تتطلب توفير البيئة الامنة، وانهاء شبكات الجريمة المنظمة التي اضرت بالاقتصاد العراقي.
لذا لابد من الانتقال الى الاقتصاد الإنتاجي والسوق المفتوح للتخلي تدريجياً من الاعتماد على النفط فقط، كما فعلت دول الخليج العربي، واعتماد مصادر متنوعة أخرى لتمويل الواردات، والعمل على احياء المصانع المعطلة التي قدرت بخمسين ألف مصنع منذ عام 2003 ولحد اليوم، والعمل أيضا على احياء الزراعة في البلاد لانعاش الواقع الصناعي، مثل صناعة الأغذية والنسيج وغيرها، كما سيوفر التطور الزراعي حاجة البلاد من الامن الغذائي، وعدم هدر مليارات الدولارات لاستيراد سلع غذائية، من دول الجوار، إذ تبلغ قيمة الاستيراد اليوم 92 بالمئة من حاجة العراق، وذلك يمثل كارثة كبرى. وتابع فيصل" أن هذا كله سينعكس سلباً على الاقتصاد الريعي في العراق وسينعكس على المجتمع العراقي بالسلب، أما الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية والاستثمار الداخلي سيعظم الموارد الاقتصادية، ويمتص البطالة التي تقدر ب 16 مليون عراقي، ويخفض معدلات الفقر والجوع والتي تقدر ب 11 مليون مواطن عراقي، مما ساهم في زيادة نسبة الامية والتي تقدر ب 12 مليون مواطن عراقي، والايتام ما نسبة 6 ملايين يتيم و2 مليون أرملة، فضلا عن العيش البائس لأربعة ملايين عراقي في مناطق عشوائية لا تمتلك الحد الأدنى من متطلبات الحياة الإنسانية. من جهته قال الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور علي دعدوش " إن زيادة سياسة التوظيف الحكومي اصبحت سمة تلازم كل الحكومات التي توالت على حكم العراق، وآخرها في عام 2022 و 2023 والذي رفع من اعداد الموظفين إلى اكثر من 3.5 مليون موظف وسيصل إلى 4 مليون موظف نهاية عام 2024 حسب تصريح (مجلس الخدمة الاتحادي).
بالتالي اثقل كاهل الموازنة وتسبب بارتفاع العجز والدين العام الداخلي إلى ارقام قياسية ومن ثم سينعكس سلبا على التنمية والنمو الاقتصادي الحقيقي اذ انها نفقات استهلاكية (غير منتجة)، وعليه فان افضل السبل للمعالجة هو التوجه نحو دعم حقيقي للقطاع الخاص والعمل على خصخصة بعض المصانع او المعامل والذهاب إلى تشغيلها لتعمل على سد الطلب المحلي من السلع والخدمات الضرورية والكمالية المستوردة من دول الجوار والصين على وجه الخصوص مع تفعيل تدريجي للسياسات التجارية ( حصص الاستيراد والتعرفة الجمركية بصورة تصاعدية) . وأضاف دعدوش" أن هذا الأمر سيخلق قيمة مضافة لتعزز مساهمة القطاعات الانتاجية في الناتج المحلي الاجمالي ومن جانب آخر سيعمل على تشغيل البطالة المقنعة في الوزارات والمؤسسات الحكومية والعامة، كما يتطلب من هذه السياسات اعلاه تغيير بيئة الأعمال تغييراً جذرياً تتجاوز قدرات القطاع الخاص وحده بالتالي لا بد من ان يقابله دعم حكومي، فالمتطلبات والإمكانات ذات الصلة لخلق هذه البيئة ليست اقتصادية فقط، وانما نحتاج إلى بيئة مؤسسية وسلوكية وثقافية ومن ثم بناء الثقة بين الأفراد والحكومات لتحقق الهدف المنشود، وهنا نقترح عدة نقاط اخرى ترتبط بمشكلة البطالة المقنعة وعملية التحول نحو الإنتاجية منها:
1- الدخول في استثمارات طويلة المدى.
2- دخول الحكومة كشريك مع القطاع الخاص لوضع سياسات التشغيل وتوفير فرص العمل.
3- توفير مكاتب دراسات جدوى للمشاريع المتوسطة والكبيرة والعمل على تطوير الأعمال التجارية الحالية للقطاع الخاص من خلال توفير القروض اللازمة للمستثمرين.
من جهته قال المستثمر الحاج نشوان عبد الغني إن قانون الاستثمار العراقي مازال معقداً وصعباً ولا يوفر بيئة جاذبة للاستثمار بل على العكس مراجعة كل الوزارات والدوائر الحكومية ولكل منها تعليمات خاصة بالاستثمار قلل من طرح الفرص الاستثمارية وساهم في طرد المستثمر الأجنبي. المتقاعدة أم فهد حدثتنا قائلةً" خلال متابعة اليومية للأخبار المحلية وغالبا ما تتحدث عن توقف مشاريع كبيرة في عموم البلاد يقلقني خوفاً على استمرار استلام راتبي التقاعدي، خوفاً من أن أصحو يوماً وأسمع أن الرواتب التقاعدية توقف صرفها لعجز مالي. مؤتمرات ضخمة وشراكات كبيرة لندوات ومباحثات حول تطوير الاقتصاد في البلاد نسمع عنها يوميا من قبل وزراء او نواب او حتى أساتذة جامعيون ومختصون وتخرج بنتائج طويلة تعلن وتذاع في وسائل الاعلام عن تطوير للواقع الاقتصادي وتقليلٍ للعجز المالي، في الحقيقة لا تعدو حبراً على ورق.
إرسال تعليق