فاطمة المزروعي
نجد الحكاية الخرافية الواحدة تروى بأكثر من طريقة، تبعاً لاختلاف طبيعة الشعوب وعاداتها وأماكن وجودها، ونظرتها إلى أدق الأمور والتفاصيل . ويصل الأمر إلى أن الحكاية الخرافية العالمية، تتحول إلى حكاية عربية بدوية تتناسب مع طبيعة البدو، من حيث العادات والتقاليد ، رغم كون أصل الحكاية قد يكون أحياناً إغريقياً أو ألمانياً . وتبدو الحكايات متأثرة بحكايات وأساطير عربية وغربية . بالإضافة إلى تأثرها بالتراث . ثم نجد العلاقات الاجتماعية العربية تتداخل في ثناياها، مختلطة بعوامل التشويق السردي وبالأخص الأفعال الخارقة . وقد يضيف الراوي إلى هذه الحكايات بعضاً من شخصيته أو بيئته أو حالته النفسية، فطوع الحكايات وغيّر فيها ، لتتناسب مع بيئته وزمنه . وكل هذه التأثيرات والمكونات، جمعتها هذه الحكايات في أشكال متعددة من مفردات البيئة البدوية في الإمارات .
تعتمد الحكايات العجائبية على الخيال وتتمركز أحداثها حول بطل ذي صبغة غير إنسانية أو من عالم الكائنات اللامرئية مثل الجن والغول والحيوانات الممسوخة وغيرها من تلك الحكايات العجائبية التي ترتكز على شخصية الغموض، في هذا العصر نشاهد هذا الكم من الإنتاج الروائي والقصصي والذي يضم بين جنباته الكثير من التطوير . نذكر منها : حكاية أم الصبيان أبوالسلاسل ، بابا درياه ، أم الهيلان، أم كربة وليفة، بعير بلا رأس، بعير بوخريطة ، بوراس ، جني الرقاص، حمارة القايلة، خطاف رفلاي، روعان، سويدا خصف وأم الدويس وغيرها ، وقد انتشرت الحكايات الشعبية في المجتمع الإماراتي بسبب ارتباطها بالمعتقدات السحرية والمعتقدات المرتبطة بالتفاؤل والتشاؤم والعادات والتقاليد والرغبة بالتسلية والاحتكاك بالعالم الآخر . لقد أسهمت الحكاية الشعبية في توطيد الروابط الاجتماعية بما تحمله من قصص عن القيم والروابط الأسرية وتوجد جواً من التواصل بين الراوي والمستمعين سواء كانوا أبناءه أو زملاءه وكانت الحكاية الشعبية عبارة عن انعكاس لهموم المجتمع
حيث تروي ما يقاسيه الصياد من الفقر أو التاجر من الغربة ومشكلات الأسرة، ومن ثم تصبح تلك الشخصيات الغرائبية المتخيلة في ذاكرة المجتمع هي الحل للكثير من القضايا في المجتمع فيتم تداول الحكايات وانتشارها بشكل كبير بين الناس، وفي هذا السياق أرى أن الحكايات الشعبية مرآة للمجتمع في الماضي . حيث تطلعنا على الطريقة التي كان يفكر فيها ويعيشها أجدادنا وتجعلنا ندرك همومهم ومشكلاتهم وطموحاتهم، فهي تراث أصيل وجميل يتوجب الحفاظ عليه في الكتب واستخدام وسائل التقنية من أجل نشره، فنسيان الماضي والتراث أثناء مد التطور خطأ فادح يرتكب بحق المجتمع . فهناك الكثير من الحكايات الشعبية التي لم تسجل ولم تسرد حتى الآن منها ما كان يقال على ألسنة ركاب القوافل والصيادين والتجار في الماضي وأصبحت تواجه خطر الاندثار، لذلك كانت الحكايات الشعبية في الإمارات هي الحقل الأهم والأغنى في الأدب الشعبي وهي الأكثر تداولاً بين فئات المجتمع، فهي تعبر عن همومه ومخاوفه وآلامه فلا يكاد يخلو بيت من ذكرها على مر الليالي والأيام وعبر الأزمان المختلفة .
إرسال تعليق