الثقافة تولد بالفطرة احيانا

مشاهدات



علاء آل شبيب


في طفولتي عشت في منطقة كرادة مريم في بغداد  امامنا جامع الشاوي وعلى اليمين حسينية .. لم أكن اعلم لماذا يؤذنون بشكل مختلف حيث لم يشرح لي والداي هذا الأمر ابدا .. كل ما افهمه هو متابعة حرب الفيتنام وبطولات الفدائيين في فلسطين المحتلة !! وذات يوم دق الباب صديقي هادي جيراننا وهم اصلهم من كربلاء فقال لي ( تعال معي للحسينية للطمية ) فسألته ماهذه اللطمية ؟ فقال تعال هناك وستعرف !! فسألت المرحومان إذا كانا يسمحا لي بالذهاب للطمية مع هادي.. فأبتسم ابي واشتعل الغضب بوجه امي فقال لي ( اذهب ولكن لا تتعطل وتقلقنا عليك ) .. لا أعرف بالضبط كم كان عمري ولكني كنت في الثاني ابتدائي ..


ذهبت مع هادي وجلسنا كأطفال أمام القاريء في الصف الأول ، لم أكن أفهم حين ابتدأ عن ماذا يتحدث لان الجميع بدأ بالنحيب والبكاء حتى تحول الأمر إلى اللطم !!! همست لهادي ماذا يجري ؟ فقال لي ( خلي تفال بعيونك وسوي نفسك تبچي !! ) كان القاريء يبعد عني ربما مترا واحدا أو أكثر بقليل .. كان يراقبني بشكل غير طبيعي بل ويخزرني احيانا ولكني كنت انظر اليه بلا خوف بصلافة وعفوية الطفل !!! وعلى غفلة نهضت بسرعة فتوقف القاريء وظل ينظر الي حتى غادرت القاعة بسرعة !!!! دخلت البيت فكان الجميع يتفرجون على التلفزيون في الصالة وكنت مسرعاً إلى غرفتي فأستوقفني والدي سائلاً بتعجب ( ها اشو رجعت بسرعة !!!! ) فقلت له : ( لا يعجبني ) .. فضحك وقال : ( روح الغرفتك مو مشكلة !! ) فسمعته يقول للمرحومة والدتي ( قلت لك أنه سيرفض .. هذا ابني وانا اعرفه .. قلت لك دعيه يخوض التجربة ولا تمنعيه !!! ) تلك القصة لا يمكن أن انساها ابدا لانها المرة الوحيدة في حياتي التي دخلت فيها مجالس العزاء ومن يومها أدركت شيئاً مهماً : لا يعني أن كثرة الآراء المخالفة لارائك بأنك لست على صواب وتعلمت ايضا ان الثقافة تولد بالفطرة احيانا .


تعليقات

أحدث أقدم