مباراة تركيا / هولندا

مشاهدات


 

ضرغام الدباغ


هذه المقالة كتبتها قبل 4 سنوات (في الدورة السابقة) ، في هذه الدورة / أمس ، تقابل الفريق الهولندي مع الفريق التركي القوي، وكانت مباراة حاسمة في دور شبه النهائي، وتفوق الاتراك حتى منتصف الشوط الثاني، ثم تمكن الهولنديون من إحراز هدفي الفوز ... كانت مباراة قوية جداً، لم يكن من السهل على الهولنديين تجاوز الأتراك. ولكن الكرة مستديرة ولا صاحب لها .. وكل شيء ممكن حتى الثواني الأخيرة ، كما حدث مع المنتخب الألماني . الفريق التركي تطور كثيراً في السنوات الأخيرة، وبات منافساً قويا لفرق المقدمة في أوربا، ربما بسبب الاحتراف ، والاحتكاك المتواصل مع فرق قوية، وبروز مواهب كروية شابة ، وعقول تدريب كروية، وأتساع قاعدة اللعبة (كرة القدم في تركيا) . المنتخب الهولندي بكرة القدم فريق جيد، يتمتع لاعبوه بقوة بدنية تؤهلهم إنهاء المباراة بدقائقها التسعون، وحتى إذا تمدد الوقت 30 دقيقة أخرى، فالقدرات البدنية تمكنهم من متابعة المباراة لآخر دقيقة. ومن المؤكد أن اتحاد كرة القدم الهولندي قد وفر للاعبين أفضل الشروط الصحية والرياضية والمعنوية، ثم أنهم يتمتعون بمدربين رائعين، بذهنية كروية علمية ممتازة، وأنجبت هولندة مدربين لها أسماء كبيرة في دنيا كرة القدم : لويس فان غال، يوهان كرويف، رونالد كومان ورود غوليت وفان باستن ... وغيرهم ممن دربوا أفضل الأندية الكروية في العالم كريال مدريد وبرشلونة وميلانو ومانشستر يوناينتد، وبايرن ميونيخ . وأكثر من ذلك، فالهولنديون هم من أوجدوا الاستراتيجية الكروية كرة القدم الشاملة (total football) وهي نظرية بديعة، تقوم على أساس الفريق كله يهاجم، والفريق كله يدافع، وهذه نظرية وإن كانت تمارس على عشب الملاعب، إلا أنها صالحة لتستخدم في السياسة أيضاً في تعبئة وزج القدرات . 

 

وفي كرة القدم هناك مصطلحات وقواعد يعرفها المدربون العالميون الكبار، وهي أن " لكل مباراة ظروفها " والظروف هنا تشمل الملعب والجمهور، والمناخ، وحتى درجة ارتفاع أرض الملعب عن سطح البحر. وربما حتى الطعام الذي تناوله اللاعبون. ثم هناك حكام المباريات وهم بشر يصيبون ويخطأون، وقرار أو أثنين خطأ يعقد نفسية اللاعبين ويحد من اندفاعهم. وقد يصل اللاعبين لفكرة أن الحكم يشاكسهم، ويحابي الفريق الآخر. وليس نادرا ما تداول اللاعبون والجمهور فكرة أن هذا الحكم مرتش .. وقد ثبت مرات عديدة أن قرارات الحكم كانت خاطئة، أو فعلاً ثبت أرتشاء الحكام ...! ثم هناك مسألة تم التثبت منها علمياً، وهي أن الفرق تلعب مباريات الدورة (كأس العالم، كأس القارات، بطولات الأندية العالمية وأندية القارات)، وهي عدة مباريات بالطبع، بكفاءة ولياقة تختلف بين مباراة وأخرى، بسبب التعب والحمل النفسي على اللاعبين، وأحيانا تصاعد درجة الحماس والكفاءة والتراجع أحياناً. فمثلا دورة كأس العالم قد يلعب فريق ما 6 أو 7 مباريات حتى يصل للنهائي، ومن الصعب أن يؤدي الفريق هذه المباريات بمستوى واحد من الكفاءة واللياقة. فهناك فرق تبدأ مباريات البداية ضعيفة ــ متوسط،ة ولكن المستوى يتصاعد مع تواصل المباريات، حتى يبلغ درجة متقدمة في الأداء. ومن هذه الفرق الفريق الإيطالي والألماني. وباستخدام تكنولوجيا متقدمة يمكن معرفة القدرة البدنية لكل لاعب قبل المباراة، وحساب حركاته بدقة على أرض الملعب. رباط السالفة ....! نجيبها على السياسة، لماذا هناك دول تجيد العمل والإنتاج، والقتال، وكافة أنواع الأنشطة ولكنها لا تجيد العمل السياسي ..؟ أو أنها لا تعرف مستلزمات العمل والتصرف كقوة مهمة. ولدينا دليل ساطع، في الإنكليز البارعون في السياسة والعمل السياسي، أكثر من سواهم ممن يسرفون في استخدام القوة والمال، ويحصدون نتائج أقل .. والصين قوة تصعد إلى المراكز القيادية بجدارة العمل والإنتاج، نعم ولكن بأسلوب العمل الهادئ المفيد ... فالصين لم تطلق رصاصة واحدة ولكنها تحقق المراكز العالمية متقدمة بقدراتها ولكن دون استخدامها ..... وهناك أمثلة كثيرة ...! السويد، بحجم سكان قليل (10 مليون نسمة) ولكن بإنتاج صناعي عال الكمية ورفيع المستوى نوعياً، لديها جيش قوي وتنتج أفضل أنواع تكنولوجيا السلاح، ولكنها لم تستخدم القوة المسلحة منذ بضعة قرون. سويسرا (بحجم سكان 8 مليون ونصف نسمة)، بلد بدرجة عالية من الرقي، يتمتع بقدرات عالية جداً ولكنه بعيد عن الاحتكاك السياسي، وما قد قد ينجم عنها . في أوربا يعمدون إلى تطوير مهارات وقابليات وأداء الأفراد، والحفاظ على الأفراد، وهذه مسألة مهمة للغاية، من أجل تقليص دور الحظ لأقصى درجة، والاعتماد على الخبرة والكفاءة فقط..

تعليقات

أحدث أقدم