جاسم الشمري
لم تتوقف «إسرائيل» عن ضرب القوانين الدولية منذ بداية احتلالها للأراضي الفلسطينية عبر العصابات الصهيونية في عشرينيات القرن الماضي، بحيث إن أول رئيس وزراء صهيوني «دافيد بن غوريون» قال في حزيران/ يونيو 1938: «أنا أؤيد الترحيل القسري، ولا أرى فيه شيئاً غير أخلاقي»! وقد نفذت «إسرائيل» العديد من النكبات في الأراضي الفلسطينية، وربما، من أبرزها نكبة 1948 التي تعدّ واحدة من أبشع حملات الطرد لشعب من أرضه في التاريخ الإنساني!. ولا يمكن تغافل نكبة وحرب الإبادة الصهيونية التي أعقبت عملية طوفان الأقصى في عام 2023 والمستمرة حتى الساعة . وخلال مراحل الاحتلال لم تكتف «إسرائيل» بالقتل والترهيب بل شنت حملات إعلامية منظمة لطمس الحقائق وتزوير الأحداث وكأنها صاحبة الحق في الأرض، وأنها تمتلك «سلطات دينية وقانونية» للتطهير العرقي!. وسعى الكيان الصهيوني إلى صبغ احتلاله بصبغة دينية توراتية حتى يخدع العالم بأنه يمتلك حقا مقدسا في فلسطين وليس احتلالا!.
وحاولت «إسرائيل» وصف نفسها بأنها «دولة عادلة»، بينما الواقع مليء بالصور البشعة التي تؤكد أنها كيان إرهابي قائم على هضم حقوق الآخرين ولا علاقة له بالعدل والسلام والتعايش. وعمل الصهاينة بكافة الوسائل المتاحة وغير الأخلاقية لتشويه سمعة المقاومة الفلسطينية، وبأنها تعادي «السامية» وحاولوا وصمها ولصقها بالإرهاب وهذه جميعها محاولات لتزوير التاريخ البعيد والقريب . ومن أبشع الطرق لتزوير التاريخ هي سياسات تهويد مئات الأحياء الفلسطينية بعد تهجير أهلها وتدمير المنازل والأسواق ومنع الناس من العودة لمنازلهم وأملاكهم وكأنها حرب حرق للإنسان والحياة!. إن الخبث الصهيوني وصل لمراحل متناقضة لدرجة أن رئيسة وزراء «إسرائيل» السابقة «غولدا مائير» أنكرت في عام 1970 «وجود ما يسمى بالشعب الفلسطيني»، ولكنها عادت لتعترف بأنها حملت الجواز الفلسطيني قبل قيام «دولة إسرائيل»! فأي تناقض هذا!. ورغم أن «إسرائيل» جندت الأموال والأدباء والفنانين وحتى المشاهير في عالم الرياضة والتواصل الاجتماعي لتلميع صورتها وزرع أكذوبة حقها التاريخي في فلسطين إلا أن صمود الفلسطينيين ونضالهم دفع العالم للقول بأن «إسرائيل» كيان مارق ولا يمتلك أي حق تاريخي وقانوني وأخلاقي في الأراضي المحتلة . وتأكيدا لهذا الحق التاريخي والقانوني الفلسطيني طالبت محكمة العدل الدولية، يوم 19 تموز/ يوليو 2024، «إسرائيل» بوضع حدّ لاحتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد 1967، داعية إلى إنهاء أيّ تدابير تسبب تغييرا ديموغرافيا أو جغرافيا . وهذه هي المرّة الأولى التي تؤكد فيه المحكمة الدولية أن «الاحتلال المستمر منذ 57 عاماً غير قانوني».
وجاء هذا الرأي التاريخي بعد أن اعترفت 145 من إجمالي 193 دولة في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، وأبرز تلك الدول إسبانيا وأيرلندا والنرويج، والأرجنتين، والبرازيل، والصين، والهند، وروسيا وغيرها. وأهم ما جاء في رأي محكمة العدل الدولية هو الامتناع عن تقديم أيّ دعم «لإسرائيل» كقوّة احتلال، وأن استمرار وجود «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأنها مُلزمة بإنهاء وجودها فيها بأسرع وقت ممكن . وكالعادة هاجم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية وأكد أن « شعبنا ليس محتلا لأرضه ولا لإرث آبائه وأي قرار كاذب في لاهاي لن يشوه هذه الحقيقة التاريخية»!. ولا أدري من أين جاء نتنياهو بهذه القدرة على الكذب والتزوير للتاريخ وكأنه يطبق قاعدة «جوزيف جوبلز» وزير ماكينة الدعاية الألمانية في حكومة هتلر، وهي: «اكذب اكذب حتى يصدقك الناس»! ولكن ورغم جميع أنواع الكذب الصهيوني ستبقى فلسطين عربية وستعود لأهلها رغم الخداع الصهيوني . وستبقى الكلمة الفصل للمقاومة الفلسطينية الصامدة.
إرسال تعليق