آسر عباس الحيدري
بدايةً أودّ أنْ أنقل كلام المؤرخ الشيعي المسعودي في كتابه مروج الذهب عندما قال : ( وكان من حضر مقتل الإمام الحسين من العسكر وحاربه وتولّى قتله مباشرة هم شيعة أبيه ولم يحضرها أيٍُ شامي ) ولم يكتفِ الأدعياء بقتله بالأمس، بلْ تفنّنوا اليوم بالنَيْل منه ومن عائلته وأهل بيته، وجعلوه تجارة عالمية تدرّ عليهم الملايين، وعامة الشيعة يعيشون تحت رحى الفقر والمرض والجهل، وما يوم مقتل الإمام الحسين إلاّ جرح قد أصاب جسد الأمة، هذا الجرح لا يُراد له أنْ يندمل اليوم من قبل أحفاد أولائك الأجداد القتلة، يقول فيلسوف الشيعة مرتضى مطهري: ( إنّ الذين قتلوا الأمام الحسين هم شيعته المقربين ) وقبل مقتل الحسين أرسل مسلم بن عقيل رسالة إلى الحسين بن علي يقول فيها ( إرجع بأهلك ولايغرك أهل الكوفة فأنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقَهم بالموت أو القتل، إنّ أهل الكوفة كذّبوك وكذّبوني وليس لكاذب رأي ) .. ثم حدث الجرح الكبير في يوم الطف وقُتل الإمام الحسين وإهل بيته الأطهار على يد عبيد الله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن الكلابي وحرملة بن كاهن الأسدي وكلهم كانوا من كبار شيعة الإمام علي المقربين، ومن كبار قادة جيشه المعروفين وبعد إستشهاده أصبحوا قادةً في جيش إبنه الإمام الحسن وقاتلوا معه ضد معاوية ، ويتحدر هؤلاء القتلة من بعض العشائر العراقية المعروفة والمذكورة أسمائها أدناه، ولكن قبل كلّ شيء يجب علينا أنْ نتذكر قول الله سبحانه وتعالى ( كلّ نفس بما كسبت رهينة ) فهذه العشائر العراقية العربية الكريمة ليس عليها جرم بما فعل بعض أبنائها في الماضي :-
1- قبيلة بني أسد وهي من أشد القبائل الرئيسية التي أوغلت في دم الحسين وأهل بيته الكرام في يوم معركة الطف وكذلك حاولت هذه القبيلة قتل أخية الإمام الحسنوجرحته تقول الرواية عن الراوي الشيعي المفيد ( وجاء رجل من بني أسد إسمه حرملة بن كاهن الأسدي فرمى سهماً وصل إلى رقبة الطفل الرضيع عبد الله بن الحسين فذبحه ) وكان حرملة الأسدي هذا من شيعة الإمام علي المقربين منه حتى إستشهاده عليه السلام على يد المجرم الفارسي عبد الرحمن بن ملجم المرادي، (الحمية) وأصبح بعد ذلك من شيعة إبنه الإمام الحسن عليه السلام وكان من أشدّ المعارضين لتنازل الإمام الحسن لمعاوية تقول الرواية عن المفيد أيضا: (خطب الإمام الحسن عليه السلام بأهل الكوفة وقال لهم ( ياأهل الكوفة ذهلت نفسي عنكم لثلاث مقتلكم لأبي وسلبكم ثقلي وطعنكم في بطني، فوثب عليه رجل من بني أسد فطعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم ) وبعد أن أوغل بني أسد بدم الحسين وآل بيته الكرام في معركة الطف في العاشر من محرم عام 61 هجرية بعثوا رجالاً منهم لدفن الجثث التي قتلوها تقول الرواية قال إبن شهر آشوب ( ودفن جثثهم بالطف أهل الغاضرية من بني أسد بعد ما قتلوهم بيوم، وكانوا يجدون لأكثرهم قبوراً، ويرون طيوراّ بيضاء ) وقال إبن نما وإبن طاووس ( ولما إنفصل الناس من كربلاء خرج قوم من بني أسد كانوا نزولاً بالغاضرية، فصلّوا على الجثث النبوية ودفنوها في تلك التربة الزكية ) وهذه محاولة منهم ذكية لطمس آثار الجريمة التي إرتكبوها بحق الحسين وأهل بيته الأطهار بعد قتلهم لهم، وجريمة الطمس هذه لها أحكام قانونية آخرى غير أحكام جريمة القتل نفسها .
2 - قبيلة بني كلاب أو (الجلابات) والتي خرج منها القاتل الشمر بن ذي الجوشن الكلابي، وبحسب المصادر الشيعية نفسها هو أحد القادة الكبار في جيش الإمام علي بن أبي طالب وكان قائداً عاماً لجيش المشاة في حرب صفين مع الإمام علي وهو مايوازي اليوم منصب وزير الدفاع في إصطلاحات الجيوش الحديثة، وفي معركة الطف جلس هذا الشقي على صدر الإمام الحسين وحزّ رأسه ورفعه إلى السماء وقال له ( أين من أنزل القرآن على صدر جدّك لينقذك مني اليوم ).
3 - عشيرة بني تميم وخرج منهم القاتل ربعي بن شبث التميمي وربعي هذا كان من شيعة الإمام علي المقربين جداً منه، وكان أمين سر الإمام علي وهو منصب يوازي اليوم منصب ( رئيس الوزراء ) في إصطلاحات الدول والحكومات الحديثة وهو أيضا شيخ عام قبيلة بني تميم، وهو ممّن كاتَبَ الإمام علي يدعوه للقدوم إلى الكوفة، وإتخاذها عاصمة له وكان شبث هذا من وجهاء الكوفة المعروفين وموالياً لعلي وإبنه الحسن وقد أرسله الإمام علي هو والصحابي عدي بن حاتم الطائي إلى معاوية في الشام ليعيداه لطاعة خليفة المسلمين، وقد قاتل ربعي بين يدي علي بن أبي طالب في معركة صفين وكذلك قاتل معه أيضاً في معركة النهروان ضد الخوارج، وأثناء المعركة عرفه الإمام الحسين وخاطبه قائلاً ( يا شبث بن ربعي ألم تكتب لنا إنْ قد أينعت الثمار وأخضرّ الجناب وإنما تقدم على جند لك مجندة) إشترك هذا الشقي شبث بن ربعي التميمي في معركة الطف بقتل الحسين وبعدها قام ببناء مسجد صغير بالكوفة شكراً لله وسروراً بمقتل الحسين عليه السلام ، ثم خرج بعد ذلك مع المختار طالباً بثأر الحسين، وصار رئيساً لشرطة المختار الذي أصبح والياً على الكوفة، ثم شارك مع من خرج ضد المختار، وكان مشاركاً أساسياً بقتله بحجة إنّ المختار قد بغى وتجبّر، وأوغل بقتل كلّ من يعارضه بحجة الثأر لمقتل الحسين .
4- عشيرة الخضري وخرج منها القاتل إسحاق بن حيوة الخضري وهو من كبار وجهاء وأعيان الشيعة في الكوفة وهو من جهز جيش الامام الحسن وسار معه لقتال معاوية، وفي معركة الطف سلب الحسين ثوبه وخواتمه .
5- عشيرة الأصبحي وخرج منها القاتل خولي بن يزيد الأصبحي وهو من كبار شيعة الإمام علي وفي يوم معركة الطف حمل هو رأس الحسين بيده وذهب بها إلى عبيد الله بن زياد طلباً للجائزة .
6- عشيرة الأزدي وخرج منها القاتل حميد بن مسلم الأزدي وهو من أعيان الشيعة في الكوفة وكان بيته ملاصقاً لبيت الامام علي، وفي يوم الطف حمل رأس الحسين مع خولي بن يزيد الأصبحي وذهبا إلى عبيد الله زياد لنيل الجائزة معاً، وبالإضافة إلى هذه العشائر آنفة الذكر كان هناك جيشاً فارسياً من حمراء الكوفة، وهم حرس كسرى الخاص ومن أشد المقاتلين قسوة، وكلّهم كانوا من الفرس ممن سمح لهم في البقاء في مدينة الكوفة بعد مقتل ملكهم كسرى إثر هزيمته في معركة القادسية الكبرى أمام العرب المسلمين وكانوا حمر الوجوه، ولهذا سُمّو بحمراء الكوفة وهم الذين أحاطوا بالحسين كالحلقة المغلقة، وعندما شاهدهم الحسين وعرفهم خاطبهم بقوله ( أروني أنسابكم إنْ كنتم عرباً ) .
فمن هو الذي قتل الحسين ….!؟
المصادر /
1- بحار الأنوار ج45 ص165 باب 39
2 - الاحتجاج للطبرسي ج2 ص293
3- نفس المهموم ص358-365
4- مقتل الحسين للمقرم ص 311- 316
5- آمالي الطوسي ص152
6- كتاب انساب الاشراف
7-كتاب مروج الذهب للمسعودي 3 / 76
8- كتاب الملحمة الحسينية مرتضى مطهري
9-الشيخ عبد الحسين ملا لعيبي
ادناه
رسم تخطيطي بارع لحرس كسرى الخاص ( حمراء الكوفة ) وهم يحيطون بالحسين في يوم معركة الطف كالحلقة المغلقة …
إرسال تعليق