تموز بين ثورتين

مشاهدات


ولاء العاني

 

بحكم كوني ابنة احد ابطال الجيش العراقي . وكبرت وسط اجواء شبه عسكرية حتى عندما يجتمعوا عائليا فيها بمختلف رتبهم وصنوفهم لابد ان يتطرقوا الى شخصية عبد الكريم قاسم فالاختلاف وابداء الرأي يكون بكل احترام . وبين مؤيد ومعارض وطاعن به وآخر يشكر الله انه لم يكن جزءا من هذا الانقلاب ولم يخون قسم الحفاظ على الوطن والملك وقد يقول قائل انه شخصية وطنية . ثورة 14 تموز التي جلبت الويل للعراق امتعض البعض ام صدق الاخر ! .. تلك التي اتت على عائلة حاكمة لها مالها وعليها ما عليها .. شخصيا أجد انه من غير الانصاف تقييمها من قبلي فانا لم اعيش ايامها وأبي كان ينكل به ويعتبره مسؤولا عن جزءا كبيرا من دمار البلد . فالاوطان لا تدار بالعواطف انما بالحكمة والحنكة والسياسة وفنونها .

 

وقاسم كانت عليه مآخذ عديدة وكثيرا ما تطرق والدي لموضوع كيف تم قبوله ( قاسم) اصلا في الكلية العسكرية وشروطها الصعبة التي اولها ان ياتي الطالب بتوقيع من ثلاثة ضباط تزكية له وان يكون من ابويين عراقيين ومن عوائل حسنة السيرة والسلوك فكان الجميع يخشى على سمعته وتأريخه . إنقلاب او ثورة الضباط على الحكم الملكي ماذا جلبت للعراق ؟ .. لم تجلب سوى الويل والخراب والتغيير في كل شيء . وماذا استفاد البلد ؟ .. عندما سُن قانون الاصلاح الزراعي الذي أتى بصنوف الخراب . هم زرعوا فحصدنا نحن ذلك الهدم الممنهج فقد وصلت الى قناعة ان سطوع نجم عبد الكريم قاسم وما فعله كان امرا مخططا له بعناية ففي كل العالم ليس اهانة مني او تقليلا من شأن احد لكن المجتمع مقسم والكل يقدم ما يتقنه للكل فالفلاح في حقله والعامل في مصنعه والمهندس من ورشته والطبيب في مشفاه والاستاذ والمعلم في مدرسته . 

 

مرت السنون هادئة نوعا ما تخللتها بعض الحركات . عامين حكم خلالها المرحوم عبد السلام عارف ومن بعده اخيه عبد الرحمن والذي انتهت فترة حكمة بقيام ثورة 17 تموز والتي اطلق عليها الثورة البيضاء فهي لم تراق بها قطرة دم واحدة . استلم الحكم رجالات دولة وحكمة بنوا اساسات حقيقية لوطن وصل الى مصاف الدول المتقدمة . استطيع تأليف كتب عن تلك الحقبة . ماذا اريد ان اتكلم عن مؤسسات او تاميم نفط او التعليم المجاني تبعه محو الامية فخلال خمسة اعوام وقف العراق على قدميه وكانت الشركات والعمال من كل العالم يصنعون مجدا على ارضنا . ومن غير الانصاف المقارنة لانها ستكون ظالمة فالمقارنة عادة تكون بين متناظرين وليس بين خائن ووطني . احدهم سعى بكل جهده للبناء وآخر جاء للتدمير . رحم الله اولائك الذي عبدوا لنا الطريق للحياة والعلم والفكر وشقوا دروبا لها ووضعوا لنا حب الوطن شعلة وكانوا تيجان شرف ..

 هنيئا لهم ذلك المجد سننصفهم طالما حيينا  .

 


 

تعليقات

أحدث أقدم